الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْماً آخَرِينَ } * { فَلَمَّآ أَحَسُّواْ بَأْسَنَآ إِذَا هُمْ مِّنْهَا يَرْكُضُونَ } * { لاَ تَرْكُضُواْ وَٱرْجِعُوۤاْ إِلَىٰ مَآ أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ } * { قَالُواْ يٰوَيْلَنَآ إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ } * { فَمَا زَالَت تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّىٰ جَعَلْنَاهُمْ حَصِيداً خَامِدِينَ }

شرح الكلمات:

وكم قصمنا: أي وكثيراً من أهل القرى قصمناهم بإهلاكهم وتفتيت أجسامهم.

كانت ظالمة: أي كان أهلها ظالمين.

يركضون: أي فارين هاربين.

إلى ما أترفتم فيه: أي من وافر الطعام والشراب والمسكن والمركب.

تسألون: أي عن شيء من دنياكم على عادتكم.

تلك دعواهم: أي دعوتهم التي يرددونها وهي: { يٰوَيْلَنَآ إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ }.

حصيداً خامدين: أي لم يبق منهم قائم فهم كالزرع المحصود خامدين لا حراك لهم كالنار إذا أُخمدت.

معنى الآيات:

يقول تعالى منذراً قريشاً أن يحل بها ما حل بغيرها ممن أصروا على التكذيب والعناد { وَكَمْ قَصَمْنَا } أي أهلكنا وأبدنا إبادة كاملة { مِن قَرْيَةٍ } أي أهل قرية { كَانَتْ ظَالِمَةً } أي كان أهلها ظالمين بالشرك والمعاصي والمكابرة والعناد، { وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْماً آخَرِينَ } هم خير من أولئك الهالكين. وقوله تعالى: { فَلَمَّآ أَحَسُّواْ بَأْسَنَآ إِذَا هُمْ مِّنْهَا يَرْكُضُونَ } أي فلما أحسَّ أولئك الظالمون { بَأْسَنَآ } أي شعروا به وأدركوه بحواسهم بأسماعهم وأبصارهم { إِذَا هُمْ مِّنْهَا } من تلك القرية يركضون هاربين فراراً من الموت. والملائكة تقول لهم توبيخاً لهم وتقريعاً: لا تركضوا هاربين { وَٱرْجِعُوۤاْ إِلَىٰ مَآ أُتْرِفْتُمْ فِيهِ } نُعِمْتُم فيه من وافِر الطعام والشراب والكساء والمسكن والمركب { لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ } على العادة عن شيء من أموركم وأمور دنياكم، فكان جوابهم ما أخبر تعالى به عنهم: { قَالُواْ يٰوَيْلَنَآ } أي يا هلاكنا أحضر هذا أو آن حضورك إنا كنا ظالمين أنفسنا بالشرك والمعاصي والتكذيب والعناد. قال تعالى: { فَمَا زَالَت تِلْكَ دَعْوَاهُمْ } أي ما زال قولهم { يٰوَيْلَنَآ إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ } تلك دعوتهم التي يرددونها { حَتَّىٰ جَعَلْنَاهُمْ حَصِيداً خَامِدِينَ } أي مُجتثين من أصولهم ساقطين في الأرض خامدين لا حراك لهم كالنار إذا أُخمدت فلم يبق لها لهيب.

هداية الآيات

من هداية الآيات:

1- التنديد بالظلم وأعلى درجاته الشرك بالله.

2- جواز الاستهزاء بالمشرك الظالم إذا حل به العذاب تقريعاً له وتوبيخاً.

3- لا تنفع التوبة عند معاينة العذاب لو طلبها الهالكون.

4- شدة الهول ورؤية العذاب قد تفقد صاحبها رشده وصوابه فيهْذِرُ ولا يدري ما يقول.