الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَمَآ أَعْجَلَكَ عَن قَومِكَ يٰمُوسَىٰ } * { قَالَ هُمْ أُوْلاۤءِ عَلَىٰ أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَىٰ } * { قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِن بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ ٱلسَّامِرِيُّ } * { فَرَجَعَ مُوسَىٰ إِلَىٰ قَوْمِهِ غَضْبَٰنَ أَسِفاً قَالَ يٰقَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ ٱلْعَهْدُ أَمْ أَرَدتُّمْ أَن يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَّوْعِدِي } * { قَالُواْ مَآ أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَـٰكِنَّا حُمِّلْنَآ أَوْزَاراً مِّن زِينَةِ ٱلْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى ٱلسَّامِرِيُّ } * { فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً لَّهُ خُوَارٌ فَقَالُواْ هَـٰذَآ إِلَـٰهُكُمْ وَإِلَـٰهُ مُوسَىٰ فَنَسِيَ } * { أَفَلاَ يَرَوْنَ أَلاَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً وَلاَ يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرّاً وَلاَ نَفْعاً }

شرح الكلمات:

وما أعجلك: أي شيء جعلك تترك قومك وتأتي قبلهم.

هم على أثري: أي آتون بعدي وليسوا ببعيدين مني.

وعجلت إليك ربي لترضى: أي استعجلت المجيء إليك طلباً لرضاك عني.

قد فتنا قومك: أي ابتليناهم أي بعبادة العجل.

وأضلهم السامري: أي عن الهدى الذي هو الإِسلام إلى الشرك وعبادة غير الرب تعالى.

غضبان أسفاً: أي شديد الغضب والحزن.

وعداً حسناً: أي بأن يعطيكم التوراة فيها نظام حياتكم وشريعة ربكم لتكملوا عليها وتسعدوا.

أفطال عليكم العهد: أي مدة الموعد وهي ثلاثون يوماً قبل أن يكملها الله تعالى أربعين يوماً.

بملكنا: أي بأمرنا وطاقنا، ولكن غلب علينا الهوى فلم نقدر على انجاز الوعد بالسير وراءك.

أوزاراً: أي أحمالاً من حلي نساء الأقباط وثيابهن.

فقذفناها: أي ألقيناها في الحفرة بأمر هارون عليه السلام.

ألقى السامري: السامري هو موسى بن ظفر من قبيلة سامرة الإِسرائيلية، وما ألقاه هو التراب الذي أخذه من تحت حافر فرس جبريل ألقاه أي قذفه على الحلي.

عجلاً جسداً: أي ذا جثة.

له خوار: الخوار صوت البقر.

فنسي: أي موسى ربه هنا وذهب يطلبه.

ألا يرجع إليهم قولا: أنه لا يكلمهم إذا كلموه لعدم نطقه بغير الخوار.

معنى الآيات:

بعد أن نجى الله تعالى بني إسرائيل من فرعون وملائه حيث اجتاز بهم موسى البحر وأغرق الله فرعون وجنوده أخبرهم موسى أن ربه تعالى قد أمره أن يأتيه ببني إسرائيل وهم في طريقهم إلى أرض المعاد إلى جبل الطور ليؤتيهم التوراة فيها شريعتهم ونظام حياتهم دنيا ودينا وأنه واعدهم جانب الطور الأيمن، واستعجل موسى في المسير إلى الموعد فاستخلف أخاه هارون على بني إسرائيل ليسير بهم وراء موسى ببطء حتى يلحقوا به عند جبل الطور، وحدث أن بني إسرائيل فتنهم السامري بضع العجل ودعوتهم إلى عبادته وترك المسير وراء موسى عليه السلام فقوله تعالى: { وَمَآ أَعْجَلَكَ عَن قَومِكَ يٰمُوسَىٰ } هو سؤال من الله تعالى لموسى ليخبره بما جرى لقومه بعده وهو لا يدري فلما قال تعالى لموسى: { وَمَآ أَعْجَلَكَ } عن المجئ وحدك دون بني إسرائيل مع أن الأمر أنك تأتي معهم أجاب موسى بقوله { هُمْ أُوْلاۤءِ عَلَىٰ أَثَرِي } آتون بعدي، وعجلت المجيء إليك لترضى عني. هنا أخبره تعالى بما حدث لقومه فقال عز وجل: { فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِن بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ ٱلسَّامِرِيُّ } أي بصنع العجل لهم ودعوتهم إلى عبادته بحجة أنه الرب تعالى وأن موسى لم يهتد إليه. ولما انتهت المناجاة وأعطى الله تعالى موسى الألواح التي فيه التوراة { فَرَجَعَ مُوسَىٰ إِلَىٰ قَوْمِهِ غَضْبَٰنَ أَسِفاً } أي حزينا إلى قومه فقال لهم لما بما أخبر تعالى عنه بقوله: { قَالَ يٰقَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً } فذكرهم بوعد الله تعالى لهم بإنجائهم من آل فرعون وإكرامهم بالملك والسيادة موبخاً لهم على خطيئتهم بتخلفهم عن السير وراءه وانشغالهم بعبادة العجل والخلافات الشديدة بينهم، وقوله { أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ ٱلْعَهْدُ } أي لم يطل فالمدة هي ثلاثون يوماً فلم تكتمل حتى فتنتم وعبدتم غير الله تعالى، قوله { أَمْ أَرَدتُّمْ أَن يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّكُمْ } أي بل أردتم بصنيعكم الفاسد أن يجب عليكم غضب من ربكم فحل بكم، { فَأَخْلَفْتُمْ مَّوْعِدِي } بعكوفكم على عبادة العجل وترككم السير على أثري لحضور موعد الرب تعالى الذي واعدكم.

السابقالتالي
2