الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَلَقَدْ أَوْحَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَٱضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي ٱلْبَحْرِ يَبَساً لاَّ تَخَافُ دَرَكاً وَلاَ تَخْشَىٰ } * { فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِّنَ ٱلْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ } * { وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَىٰ } * { يٰبَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنجَيْنَاكُمْ مِّنْ عَدُوِّكُمْ وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ ٱلطُّورِ ٱلأَيْمَنَ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ ٱلْمَنَّ وَٱلسَّلْوَىٰ } * { كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلاَ تَطْغَوْاْ فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَىٰ } * { وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحَاً ثُمَّ ٱهْتَدَىٰ }

شرح الكلمات:

أن أسر بعبادي: أي سر ليلاً من أرض مصر.

طريقاً في البحر يبساً: طريقاً في وسط البحر يابساً لا ماء فيه.

لا تخاف دركاً: أي لا تخش أن يدركك فرعون، ولا تخشى غرقاً.

فغشيهم من اليم: أي فغطاهم من ماء البحر ما غطاهم حتى غرقوا فيه.

وأضل فرعون قومه: أي بدعائهم إلى الإِيمان به والكفر بالله رب العالمين.

وما هدى: أي لم يهدهم كما وعدهم بقوله:وَمَآ أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ ٱلرَّشَادِ } [غافر: 29].

جانب الطور الأيمن: أي لأجل إعطاء موسى التوراة التي فيها نظام حياتهم دينا ودنيا.

المن والسلوى: المن: شيء أبيض كالثلج، والسلوى طائر يقال له السماني.

ولا تطغوا فيه: أي بالإِسراف فيه، وعدم شكر الله تعالى عليه.

ثم اهتدى: أي بالاستقامة على الإِيمان والتوحيد والعمل الصالح حتى الموت.

معنى الآيات:

إنه بعد الجدال الطويل والخصومة الشديدة التي دامت زمناً غير قصير وأبى فيها فرعون وقومه قبول الحق والإِذعان له أوحى تعالى إلى موسى عليه السلام بما أخبر به في قوله عز وجل: { وَلَقَدْ أَوْحَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰ } وبأي شيء أوحى إليه. بالسرى ببني إسرائيل وهو قوله تعالى { وَلَقَدْ أَوْحَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي } قوله { فَٱضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي ٱلْبَحْرِ يَبَساً } أي اجعل لهم طريقاً في وسط البحر، وذلك حاصل بعد ضربه البحر بالعصي فانفلق البحر فرقتين والطريق وسطه يابساً لا ماء فيه حتى اجتاز بنو إسرائيل البحر، ولما تابعهم فرعون ودخل البحر بجنود أطبق الله تعالى عليهم البحر فأغرقهم أجمعين، بعد أن نجى موسى وبني إسرائيل، وهو معنى قوله تعالى: { فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِّنَ ٱلْيَمِّ } أي من ماء البحر { مَا غَشِيَهُمْ } أي الشيء العظيم من مياه البحر. وقوله لموسى { لاَّ تَخَافُ دَرَكاً وَلاَ تَخْشَىٰ } أي لا تخاف أن يدركك فرعون من ورائك ولا تخشى غرقاً في البحر.

وقوله تعالى: { وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَىٰ } إخبار منه تعالى أن فرعون أضل أتباعه حيث حرمهم من الإِيمان بالحق واتباع طريقه، ودعاهم إلى الكفر بالحق وتجنب طريقه فاتبعوه على ذلك فضلوا وما اهتدوا، وكان يزعم أنه ما يهديهم إلا سبيل الرشاد وكذب.

وقوله تعالى: { يٰبَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنجَيْنَاكُمْ مِّنْ عَدُوِّكُمْ } أي فرعون، { وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ ٱلطُّورِ ٱلأَيْمَنَ } أي مع نبينا موسى لانزال التوراة لهدايتكم وحكمهم بشرائعها، وأنزلنا عليكم المن والسلوى غذاء لكم في التيه، { كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ } أي قلنا لكم: كلوا من طيبات ما رزقناكم من حلال الطعام والشراب، { وَلاَ تَطْغَوْاْ فِيهِ } بترك الحلال إلى الحرام وبالأسراف في تناوله وبعدم شكر الله تعالى، وقوله تعالى: { فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي } أي أن أنتم طغيتم فيه.

السابقالتالي
2