شرح الكلمات: قد أوتيت سؤلك: أي مسؤولك من انشراح صدرك وتيسير أمرك وانحلال عقدة لسانك، وتنبئة أخيك. ولقد مننا عليك مرة أخرى: أي أنعمنا عليك مرة أخرى قبل هذه. ما يوحى: أي في شأنك وهو قوله: أن اقذفيه الخ. في التابوت: أي الصندوق. فاقذفيه في اليم: أي في نهر النيل. ولتصنع على عيني: تربى بمرأى مني ومحبة وإرادة. على من يكفله: ليكمل له رضاعه. وقتلت نفساً : هو القبطي الذي قتلته بمصر وهو بيت فرعون. فنجيناك من الغم: إذا استغفرتنا فغفرنا لك وأئتمروا بك ليقتلوك فنجيناك منهم. وفتناك فتونا: أي اختبرناك اختبارا وابتليناك ابتلاء عظيما. جئت على قدر: أي جئت للوقت الذي أردنا إرسالك إلى فرعون. واصطنعتك لنفسي: أي أنعمت عليك بتلك النعم اجتباءً منا لك لتحمل رسالتنا. معنى الآيات: ما زال السياق في حديث موسى مع ربه تعالى فقد تقدم أن موسى عليه السلام سأل ربه أموراً لتكون عوناً له على حمل رسالته فأجابه تعالى بقوله: في هذه الآية [36] { قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يٰمُوسَىٰ } أي قد أعطيت ما طلبت، { وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَىٰ } أي قبل هذه الطلبات وهي أنه لما أمر فرعون بذبح أبناء بني إسرائيل { إِذْ أَوْحَيْنَآ إِلَىٰ أُمِّكَ مَا يُوحَىٰ أَنِ ٱقْذِفِيهِ فِي ٱلتَّابُوتِ } أي في الصندوق { فَٱقْذِفِيهِ فِي ٱلْيَمِّ } أي نهر النيل { فَلْيُلْقِهِ ٱلْيَمُّ بِٱلسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِّي وَعَدُوٌّ لَّهُ } فهذه النجاة نعمة، ونعمة أخرى تضمنها قوله تعالى: { وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي } أي أضفيت عليك محبتي فأصبح من يراك يحبك، ونعمة أخرى وهي: من أجل أن تُربَّى وتغذى على مرأى مني وإرادة لي أرجعتك بتدبيري إلى أمك لترضعك وتقر عينها ولا تحزن على فراقك، وهو ما تضمنه قوله تعالى: { إِذْ تَمْشِيۤ أُخْتُكَ } فتقول: { هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ مَن يَكْفُلُهُ } لكم أي لارضاعه وتربيته. { فَرَجَعْنَاكَ إِلَىٰ أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها وَلاَ تَحْزَنَ } ، ونعمة أخرى وهي أعظم إنجاؤنا لك من الغم الكبير بعد قتلك النفس وائتمار آل فرعون على قتلك { فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ ٱلْغَمِّ } من القتل وغفرنا لك خطيئة القتل. وقوله تعالى: { وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً } أي ابتليناك ابتلاءً عظيما وها هي ذي خلاصته في الأرقام التالية: 1- حمل أمك بك في السنة التي يقتل فيها أطفال بني إسرائيل. 2- إلقاء أُمك بك في اليم. 3- تحريم المراضع عليك حتى رجعت إلى أمك. 4- أخذك بلحية فرعون وهمه بقتلك. 5- قتلك القبطي وائتمار آل فرعون بقتلك. 6- إقامتك في مدين وما عانيت من آلام الغربة. 7- ضلالك الطريق بأهلك وما أصابك من الخوف والتعب. هذه بعض ما يدخل تحت قوله تعالى: { وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً } وقوله { فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِيۤ أَهْلِ مَدْيَنَ } ترعى غنم شعيب عشراً من السنين { ثُمَّ جِئْتَ } من مدين إلى طور سينا { عَلَىٰ قَدَرٍ } منا مقدر ووعد محدد ما كنت تعلمه حتى لاقيته.