الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَقَالُواْ لَوْلاَ يَأْتِينَا بِآيَةٍ مِّن رَّبِّهِ أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِي ٱلصُّحُفِ ٱلأُولَىٰ } * { وَلَوْ أَنَّآ أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِّن قَبْلِهِ لَقَالُواْ رَبَّنَا لَوْلاۤ أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِن قَبْلِ أَن نَّذِلَّ وَنَخْزَىٰ } * { قُلْ كُلٌّ مُّتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُواْ فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ ٱلصِّرَاطِ ٱلسَّوِيِّ وَمَنِ ٱهْتَدَىٰ }

شرح الكلمات:

لولا: أي هَلاَّ فهي أداة تحضيض وحث على وقوع ما يذكر بعدها.

بآية من ربه: أي معجزة تدل على صدقه في نبوته ورسالته.

بينة ما في الصحف الأولى: أي المشتمل عليها القرآن العظيم من أنباء الأمم الماضية وهلاكهم بتكذيبهم لرسلهم.

من قبله: من قبل إرسالنا رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم وإنزالنا كتابنا القرآن.

من قبل أن نذل ونخزى: أي من قبل أن يصينبا الذل والخزي يوم القيامة في جهنم.

متربص: أي منتظر ما يؤول إليه الأمر.

فستعلمون: أي يوم القيامة.

الصراط السوي: أي الدين الصحيح وهو الإِسلام.

ومن اهتدى: أي ممن ضل نحن أم أنتم.

معنى الآيات:

ما زال السياق مع المشركين طلباً لهدايتهم فقال تعالى مخبراً عن أولئك المشركين الذين متع الله رجالاً منهم بزهرة الحياة الدنيا أنهم أصروا على الشرك والتكذيب { وَقَالُواْ لَوْلاَ يَأْتِينَا بِآيَةٍ } أي هلا يأتينا محمد بمعجزة كالتي أتى بها صالح وموسى وعيسى بن مريم تدل على صدقه في نبوته ورسالته إلينا. فقال تعالى راداً عليهم قولتهم الباطلة: { أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِي ٱلصُّحُفِ ٱلأُولَىٰ }؟ أيطالبون بالآيات وقد جاءتهم بينة ما في الصحف الأولى بواسطة القرآن الكريم فعرفوا ما حل بالأمم التي طالبت بالآيات ولما جاءتهم الآيات كذبوا بها فأهلكهم الله بتكذيبهم فما يؤمن هؤلاء المشركين المطالبين بالآيات أنها لو جاءتهم ما آمنوا بها فأهلكوا كما أهلك المكذبين من قبلهم.

وقوله تعالى في الآية الثانية [134] { وَلَوْ أَنَّآ أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِّن قَبْلِهِ } أي من قبل إرسالنا محمد وإنزالنا الكتاب عليه لقالوا للرب تعالى إذا وقفوا بين يديه: { رَبَّنَا لَوْلاۤ أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ } فيما تدعونا إليه من التوحيد والإِيمان والعمل الصالح وذلك من قبل أن نذل هذا الذل ونخزى هذا الخزي في نار جهنم. فإن كان هذا قولهم لا محالة فلم لا يؤمنون ويتبعون آيات الله فيعملون بما جاء فيها من الهدى قبل حلول العذاب بهم؟ وفي الآية الأخيرة قال تعالى لرسوله بعد هذا الإِرشاد الذي أرشدهم إليه { قُلْ كُلٌّ مُّتَرَبِّصٌ } أي كل منا متربص أي منتظر ما يؤول إليه الأمر { فَتَرَبَّصُواْ }. فستعلمون في نهاية الأمر وعندما توقفون في عرصات القيامة { مَنْ } هم { أَصْحَابُ ٱلصِّرَاطِ ٱلسَّوِيِّ } الذي لا اعوجاج فيه وهو الإِسلام الدين الحق، { وَمَنِ ٱهْتَدَىٰ } إلى سبيل النجاة والسعادة ممن ضل ذلك فخسر وهلك.

هداية الآيات

من هداية الآيات:

1- المطالبة بالآيات سنة متبعة للأمم والشعوب عندما تعرض عن الحق وتتنكر للعقل وهدايته.

2- الذلة والخزي تصيب أهل النار يوم القيامة لما فرطوا فيه من الإِيمان والعمل الصالح.

3- في الآية إشادة إلى حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: " يحتج به على الله يوم القيامة ثلاثة: الهالك في الفترة، والمغلوب على عقله، والصبي الصغير، فيقول المغلوب على عقله لم تجعل لي عقلاً انتفع به، ويقول الهالك في الفترة لم يأتني رسول ولا نبي ولو أتاني لك رسول أو نبي لكنت أطوع خلقك إليك، وقرأ صلى الله عليه وسلم { لَوْلاۤ أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً } ويقول الصبي الصغير كنت صغيراً لا أعقل.

السابقالتالي
2