الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِّنَ ٱلْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لأُوْلِي ٱلنُّهَىٰ } * { وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَكَانَ لِزَاماً وَأَجَلٌ مُّسَمًّى } * { فَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ ٱلشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَآءِ ٱلْلَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ ٱلنَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَىٰ } * { وَلاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ زَهْرَةَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ } * { وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِٱلصَّلاَةِ وَٱصْطَبِرْ عَلَيْهَا لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَٱلْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَىٰ }

شرح الكلمات:

أفلم يهد لهم: أي أفلم يُبيَّنْ لهم.

من القرون: أي من أهل القرون.

لآيات لأولي النهى: أي أصحاب العقول الراجحة إذ النهية العقل.

ولولا كلمة سبقت: أي بتأخير العذاب عنهم.

لكان لزاما: أي العذاب لازما لا يتأخر عنهم بحال.

ما يقولون: من كلمات الكفر، ومن مطالبتهم بالآيات.

ومن آناء الليل: أي ساعات الليل واحدها إنْيٌ أو إنْوٌ.

لعلك ترضى: أي رجاء أن تثاب الثواب الحسن الذي ترضى به.

إلى ما متعنا به أزواجاً منهم: أي رجالاً منهم من الكافرين.

زهرة الحياة الدنيا: أي زينة الحياة الدنيا وقيل فيها زهرة لأنها سرعان ما تذبل وتذوى.

لنفتنهم فيه: أي لنبتليهم في ذلك أيشكرون أم يكفرون.

والعاقبة للتقوى: العاقبة الحميدة في الدنيا والآخرة لأهل التقوى.

معنى الآيات:

بعد ذكر قصة آدم عليه السلام وما تضمنته من هداية الآيات قال تعالى { أَفَلَمْ يَهْدِ } لأهل مكة المكذبين المشركين أي أَغَفَلوا فلم يهد لهم أي يتبين { كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِّنَ ٱلْقُرُونِ } أي إهلاكنا للعديد من أهل القرون الذين هم يمشون في مساكنهم ذاهبين جائين كثمود وأصحاب مدين والمؤتفكات أهلكناهم بكفرهم ومعاصيهم فيؤمنوا ويوحدوا ويطيعوا فينجوا ويسعدوا. وقوله تعالى: { إِنَّ فِي ذَلِكَ } المذكور من الإهلاك للقرون الأولى { لآيَاتٍ } أي دلائل واضحة على وجوب الإِيمان بالله ورسوله وطاعتهما، { لأُوْلِي ٱلنُّهَىٰ } أي لأصحاب العقول أما الذين لا عقول لهم لأنهم عطلوها فلم يفكروا بها فلا يكون في ذلك آيات لهم. وقوله تعالى { وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ } بأن لا تموت نفس حتى تستوفي أجلها، وأجل مسمىً عند الله في كتاب المقادير لا يتبدل ولا يتغير لكان عذابهم لازماً لهم لما هم عليه من الكفر والشرك والعصيان. وعليه { فَٱصْبِرْ } يا رسولنا { عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ } من أنك ساحر وشاعر وكاذب وكاهن من كلمات الكفر، واستعن على ذلك بالصلاة ذات الذكر والتسبيح { قَبْلَ طُلُوعِ ٱلشَّمْسِ } وهو صلاة الصبح { وَقَبْلَ غُرُوبِهَا } وهو صلاة العصر { وَمِنْ آنَآءِ ٱلْلَّيْلِ } أي ساعات الليل وهما صلاتا المغرب والعشاء، { وَأَطْرَافَ ٱلنَّهَارِ } وهو صلاة الظهر لأنها تقع بين طرفي النهار أي نصفه الأول ونصفه الثاني وذلك عند زوال الشمس، لعلك بذلك ترضى بثواب الله تعالى لك.

وقوله تعالى { وَلاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ } أي لا تتطلع ناظراً { إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ } أشكالاً في عقائدهم وأخلاقهم وسلوكهم { زَهْرَةَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا } أي من زينة الحياة الدنيا { لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ } أي لنختبرهم في ذلك الذي متعناهم به من زينة الحياة الدنيا وقوله تعالى: { وَرِزْقُ رَبِّكَ } أي ما لك عند الله من أجر ومثوبة { خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ } خيراً في نوعه وأبقى في مدته، واختيار الباقي على الفاني مطلب العقلاء.

السابقالتالي
2