الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَكَذٰلِكَ أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ ٱلْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً } * { فَتَعَٰلَى ٱللَّهُ ٱلْمَلِكُ ٱلْحَقُّ وَلاَ تَعْجَلْ بِٱلْقُرْءانِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَىٰ إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً } * { وَلَقَدْ عَهِدْنَآ إِلَىٰ ءَادَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً }

شرح الكلمات:

وكذلك أنزلنا: أي مثل ذلك الإنزال أنزلنا قرآناً عربياً أي بلغة العرب ليفهموه.

وصرفنا فيه من الوعيد: أي من أنواع الوعيد، وفنون العذاب الدنيوي والأخروي.

أو يحدث لهم ذكرا: أي بهلاك الأمم السابقة فيتعظون فيتوبون ويسلمون.

فتعالى الله الملك الحق: أي عما يقول المفترون ويشرك المشركون.

ولا تعجل بالقرآن: أي بقرءاته.

من قبل أن يقضى إليك وحيه: أي من أن يفرغ جبريل من قراءته عليك.

عهدنا إلى آدم: أي وصيناه أن لا يأكل من الشجرة.

فنسي: أي عهدنا وتركه.

ولم نجد له عزما: أي حزما وصبراً عما نهيناه عنه.

معنى الآيات:

يقول تعالى { وَكَذٰلِكَ أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً } أي ومثل ما أنزلنا من تلك الآيات المشتملة على الوعد والوعيد أنزلنا القرآن بلغة العرب ليفهموه ويهتدوا به { وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ ٱلْوَعِيدِ } أي بينا فيه من أنواع الوعيد وكررنا فنون العذاب الدنيوي والأخروي لعل قومك أيها الرسول يتقون ما كان سببا في إهلاك الأمم السابقة وهو الشرك والتكذيب والمعاصي { أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً } أي يوجد لهم ذكراً في أنفسهم فيتعظون فيتوبون من الشرك والتكذيب للرسول ويطيعون ربهم فيكملون ويسعدون هذا ما دلت عليه الآية الأولى [113].

وأما الآية الثانية وهي قوله تعالى { فَتَعَٰلَى ٱللَّهُ ٱلْمَلِكُ ٱلْحَقُّ } فإن الله تعالى يخبر عن علوه من سائر خلقه وملكه لهم وتصرفه فيهم وقهره لهم، ومِن ثَمَّ فهو منزَّه عن الشريك والولد وعن كل نقص يصفه به المفترون الكذابون.

وقوله: { وَلاَ تَعْجَلْ بِٱلْقُرْءانِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَىٰ إِلَيْكَ وَحْيُهُ } يُعلِّم تعالى رسوله كيفية تلقي القرآن عن جبريل عليه السلام فيرشده إلى أنه لا ينبغي أن يستعجل في قراءة الآيات ولا في إملائها على أصحابها ولا في الحكم بها حتى يفرغ جبريل من قراءتها كاملة عليه وبيان مراد الله تعالى منها في إنزالها عليه. وطلب إليه أن يسأله المزيد من العلم بقوله: { وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً } ، وفيه إشعار بأنه دائماً في حاجة إلى المزيد، ولذا فلا يستعجل ولكن يتريث ويتمهل، وهذا علماء أمته أحوج إليه منه صلى الله عليه وسلم فالاستعجال في الفُتيا وفي إصدار الحكم كثيراً ما يخطئ صاحبهما.

وقوله تعالى: { وَلَقَدْ عَهِدْنَآ إِلَىٰ ءَادَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً } يقول تعالى مخبراً رسوله والمؤمنين ولقد وصينا آدم من قبل هذه الأمم التي أمرناها ونهيناها فلم يطع أكثرها وصيناه بأن لا يطيع عدوه إبليس وأن لا يأكل من الشجرة فترك وصيتنا ناسيا لها غير مبال بها وأطاع عدوه وأكل من الشجرة، ولم نجد له عزماً بل ضعف أمام الإِغراء والتزيين فلم يحفظ العهد ولم يصبر على الطاعة، فكيف إذاً بغير آدم من سائر ذرياته فلذا ينبغي أن لا تأسى ولا تحزن على عدم إيمان قومك بك واستجابتهم لدعوتك.

هداية الآيات

من هداية الآيات:

1- بيان الحكمة من إنزال القرآن باللسان العربي وتصريف الوعيد فيه.

2- إثبات علو الله تعالى وقهره لعباده وملكه لهم وتنزهه عن الولد والشريك وكل نقص يصفه به المبطلون.

3- استحباب التريث والتأني في قراءة القرآن وتفسيره وإصدار الحكم والفتيا منه.

4- الترغيب في طلب العلم والمزيد من التحصيل العلمي وإشعار النفس بالجهل والحاجة إلى العلم.

5- التسلية بنسيان آدم وضعف قلبه أمام الإِغراء الشيطاني.