الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَإِذِ ٱسْتَسْقَىٰ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا ٱضْرِب بِّعَصَاكَ ٱلْحَجَرَ فَٱنفَجَرَتْ مِنْهُ ٱثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ كُلُواْ وَٱشْرَبُواْ مِن رِّزْقِ ٱللَّهِ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي ٱلأَرْضِ مُفْسِدِينَ } * { وَإِذْ قُلْتُمْ يَٰمُوسَىٰ لَن نَّصْبِرَ عَلَىٰ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ ٱلأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّآئِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ ٱلَّذِي هُوَ أَدْنَىٰ بِٱلَّذِي هُوَ خَيْرٌ ٱهْبِطُواْ مِصْراً فَإِنَّ لَكُمْ مَّا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ ٱلذِّلَّةُ وَٱلْمَسْكَنَةُ وَبَآءُو بِغَضَبٍ مِّنَ ٱللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ وَيَقْتُلُونَ ٱلنَّبِيِّينَ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ ذٰلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ }

شرح الكلمات:

استسقى: طلب لهم من الله تعالى السقيا أي الماء للشرب وغيره.

بعصاك الحجر: عصا موسى التي كانت معه منذ خرج من بلاد مدين. وهل هي من شجر الجنة هبط بها آدم كذا قيل والله أعلم. والحجر هو حجر مربع الشكل من نوع الكذَّان رخو كالمدر. وهل هو الذي فر بثوب موسى في حادثة معروفة كذا قيل أو هو حجر من سائر الأحجار؟ الله أعلم.

فانفجرت: الإنفجار: الإنفلاق فانفجرت: انفلقت من العصا العيون.

مشربهم: موضع شربهم.

رزق الله: ما رزق الله به العباد من سائر الأغذية.

ولا تعثوا: العَثَيّ والعِثِيّ: أكبر الفساد وفعله عِثي كرضي يعثي كيرضي وعثا يعثو كعدا يعدو.

مفسدين: الإفساد: العمل بغير طاعة الله ورسوله في كل مجالات الحياة.

البقل: وجمعه البقول سائر أنواع الخضر كالجزر والخردل والبطاطس ونحوها.

القثاء: الخيار والقته ونحوهما.

الفُوم: الفوم: الحِنطة وقيل الثوم لذكر البصل بعده.

اتستبدلون: الاستبدال ترك شيء وأخذ آخر بدلا عنه.

أدنى: أقل صلاحاً وخيريه ومنافع كاستبدال المن والسلوى بالفوم والبقل.

مصراً: مدينة من المدن قيل لهم هذا وهم في التيه كالتعجيز لهم والتحدي لأنهم نكلوا عن قتال الجبارين فاصيبوا بالتيه وحرموا خيرات مدينة القدس وفلسطين.

ضربت عليهم الذلة: أحاطت بهم ولازمتهم الذلة وهي الصغار والاحتقار.

والمسكنة: والمسكنة وهي الفقر والمهانة.

باءوا بغضب: رجعوا من طول عملهم وكثرة كسبهم بغضب الله وسخطه عليهم وبئس ما رجعوا به.

ذلك بأنهم: ذلك إشارة إلى ما أصابهم. من الذلة والمسكنة والغضب وبأنهم أي بسبب كفرهم وقتلهم الأنبياء وعصيانهم، فالباء سببية.

الاعتداء: مجاوزة الحق إلى الباطل، والمعروف إلى المنكر. والعدل إلى الظلم.

معنى الآيتين:

يُذكّر الله تعالى اليهود المعاصرين لنزول القرآن بالمدينة النبوية بأياديه في أسلافهم وأيامه عز وجل فيهم وفي الآية الأولى رقم [60] ذكرهم بأنهم لما عطشوا في التيه استسقى موسى ربه فسقاهم بأمر خارق للعادة ليكون لهم ذلك آية ليلزموا الإيمان والطاعة وهو أن يضرب موسى عليه السلام بعصاه الحجر فيتفجر الماء منه من اثني عشر موضعاً كل موضع يمثل عيناً يشرب منها سبط من أسباطهم الاثني عشر حتى لا يتزاحموا فيتضرروا أكرمهم الله بهذه النعمة، ونهاهم عن الفساد في الأرض بارتكاب المعاصي.

وفي الآية الثانية [61] ذكرهم بسوء أخلاق كانت في سلفهم منها عدم الصبر، والتعنت وسوء التدبير والجهالة بالخير، والرعونة وغيرها. وهذا ظاهر في قولهم يا موسى بدل يا نبي الله أو رسول الله لن نصبر على طعام واحد. وقولهم أدع لنا ربك بدل ادع الله تعالى لنا أو ادع لنا ربنا عز وجل. وفي مللهم اللحم والعسل وطلبهم الفوم والبصل بدلا عنهما وفي قول موسى عليه السلام أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير ما يقرر ذلك كما ذكرهم بالعاقبة المرة التي كانت لهم نتيجة كفرهم بآيات الله وقتلهم الأنبياء، واعتدائهم وعصيانهم، وهي أن ضرب الله تعالى عليهم الذلة والمسكنة وغضب عليهم.

السابقالتالي
2