الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ يَٰقَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِٱتِّخَاذِكُمُ ٱلْعِجْلَ فَتُوبُوۤاْ إِلَىٰ بَارِئِكُمْ فَٱقْتُلُوۤاْ أَنفُسَكُمْ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ } * { وَإِذْ قُلْتُمْ يَٰمُوسَىٰ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ نَرَى ٱللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ ٱلصَّٰعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنظُرُونَ } * { ثُمَّ بَعَثْنَٰكُم مِّن بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } * { وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ ٱلْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْكُمُ ٱلْمَنَّ وَٱلسَّلْوَىٰ كُلُواْ مِن طَيِّبَٰتِ مَا رَزَقْنَٱكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَـٰكِن كَانُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ }

شرح الكلمات:

ظلم النفس: تدسيتها بسّيئة الجريمة.

باتخاذكم العجل: بجعلكم العجل الذي صاغه السامري من حلّي نسائكم إلهاً عبدتموه.

البارىء: الخالق عز وجل.

فاقتلوا أنفسكم: أمرهم أن يقتل من لم يعبد العجل من عبدَه منهم وجعل ذلك توبتهم ففعلوا فتاب عليهم بقبول توبتهم.

نرى الله جهرة: نراه عياناً.

الصاعقة: نار محرقة كالتي تكون مع السحب والأمطار والرعود.

بعثناكم: أحييناكم بعد موتكم.

الغمام: سحاب رقيق أبيض.

المن والسلوى: المنّ: مادة لزجة حُلْوَةٌ كالعسل، والسلوى: طائر يقال له السُّماني.

الطيبات: الحلال.

المناسبة ومعنى الآيات:

لما ذكّر الله تعالى اليهود بما أنعم على أسلافهم مطالباً إياهم بشكرها فيؤمنوا برسوله. ذكرهم هنا ببعض ذنوب أسلافهم ليتعظوا فيؤمنوا فذكرهم بحادثة اتخاذهم العجل إلهاً وعبادتهم له. وذلك بعد نجاتهم من آل فرعون وذهاب موسى لمناجاة الله تعالى، وتركه هارون خليفة له فيهم، فصنع السامري لهم عجلاً من ذهب وقال لهم هذا إلهكم وإله موسى فاعبدوه فأطاعه أكثرهم وعبدوا العجل فكانا مرتدين بذلك فجعل الله توبتهم من ردتهم أن يقتل من لم يعبد العجل من عبده فقتلوا منهم سبعين ألفاً فكان ذلك توبتهم فتاب الله عليهم إنه هو التواب الرحيم كما ذكرهم بحادثة أخرى وهي إنه لما عبدوا العجل وكانت ردة اختار موسى بأمر الله تعالى منهم سبعين رجلاً من خيارهم ممن لم يتورطوا في جريمة عبادة العجل، وذهب بهم إلى جبل الطور ليعتذروا إلى ربهم سبحانه وتعالى من عبادة إخوانهم العجل، فلما وصلوا قالوا لموسى اطلب لنا ربك أن يُسمعنا كلامه فأسمعهم قوله: إني أنا الله لا إله إلا أنا أخرجتكم من أرض مصر بيدٍ شديدة فاعبدوني ولا تعبدوا غيري. ولما أعلمهم موسى بأن الله تعالى جعل توبتهم بقتلهم أنفسهم، قالوا: لن نؤمن لك أي لن نتابعك على قولك فيما ذكرت من توبتنا بقتل بعضنا بعضا حتى نرى الله جهرة وكان هذا منهم ذنباً عظيماً لتكذيبهم رسولهم فغضب الله عليهم فأنزل عليهم صاعقة فأهلكتهم فماتوا واحدا واحدا وهم ينظرون ثم أحياهم تعالى بعد يوم وليلة، وذلك ليشكروه بعبادته وحده دون سواه كما ذكرهم بنعمة أخرى وهي إكرامه لهم وإنعامه عليهم بتظليل الغمام عليهم، وإنزال المنّ والسلوى أيام حادثة التيه في صحراء سيناء وفي قوله تعالى: { وَمَا ظَلَمُونَا } إشارة إلى أن محنة التيه كانت عقوبة لهم على تركهم الجهاد وجرأتهم على نبيّهم إذ قالوا له:فَٱذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلاۤ إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ } [المائدة: 24]. وما ظلمهم في محنة التيه، ولكن كانوا هم الظالمين لأنفسهم.

هداية الآيات:

من هداية الآيات:

1- عبادة المؤمن غير الله وهو يعلم أنها عبادة لغير الله تعالى تعتبر ردة منه وشركاً.

2- مشروعية قتال المرتدين، وفي الحديث: " من بدّل دينه فاقتلوه " ، ولكن بعد استتابته.

3- علة الحياة كلها شكر الله تعالى بعبادته وحده.

4- الحلال، من المطاعم والمشارب وغيرها، ما أحله الله والحرام ما حرمه الله عز وجل.