الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ ءَامَنَ ٱلرَّسُولُ بِمَآ أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَٱلْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِٱللَّهِ وَمَلاۤئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ ٱلْمَصِيرُ } * { لاَ يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا ٱكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَآ أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَآ إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَٱعْفُ عَنَّا وَٱغْفِرْ لَنَا وَٱرْحَمْنَآ أَنتَ مَوْلَٰـنَا فَٱنْصُرْنَا عَلَى ٱلْقَوْمِ ٱلْكَافِرِينَ }

شرح الكلمات:

آمن: صدق جازما بصحة الخبر ولم يتردد أو يشك فيه قط.

الرسول: نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.

كلّ: كل من الرسول والمؤمنين.

لا نفرق بين أحد من رسله: نؤمن بهم جميعاً ولا نكون كاليهود والنصارى نؤمن ببعض، ونكفر ببعض.

سمعنا: سَماعَ فهمٍ واستجابة وطاعة.

المصير: المرجع أي رجوعنا إليك يا ربنا فاغفر لنا.

لا يكلف الله نفسا: التكليف الإِلزام مما فيه كلفة ومشقة تحتمل.

إلا وسعها: إلا ما تتسع لها طاقتها ويكون في قدرتها.

لها ما كسبت: من الخير.

وعليها ما اكتسبت: من الشر.

لا تؤاخذنا: لا تعاقبنا.

إن نسينا: فتركنا ما أمرتنا به أو فعلنا ما نهيتنا عنه نسياناً منا غير عمد.

أو أخطأنا: فعلنا غير ما أمرتنا خطأ منا بدون إرادة فعل منا له ولا عزيمة.

إصراً: تكليفا شاقا يثقل علينا ويأسرنا فيحبسنا عن العمل.

مولانا: مالكنا وسيدنا ومتولي أمرنا لا مولى لنا سواك.

معنى الآيتين:

ورد أنه لما نزلت الآية [284] { للَّهِ ما فِي ٱلسَّمَٰوٰتِ } وفيها {... وَإِن تُبْدُواْ مَا فِيۤ أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ ٱللَّهُ.. } اضطربت لها نفوس المؤمنين، وقالوا من ينجوا منا إذا كنا نؤاخذ بما يُخفى في أنفسنا من الهم والوسواس وحديث النفس فأمرهم الرسول صلى الله عليه وسلم بالرضا بحكم الله تعالى والتسليم به فقال لهم: قولوا سمعنا وأطعنا ولا تكونوا كاليهود:قَالُواْ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا... } [البقرة: 93] فلما قالوها صادقين أنزل الله تعالى هاتين الآيتين: { ءَامَنَ ٱلرَّسُولُ... } فأخبر عن إيمانهم مقروناً بإيمان نبيهم تكريما لهم وتطمينا فقال: { ءَامَنَ ٱلرَّسُولُ بِمَآ أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَٱلْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِٱللَّهِ وَمَلاۤئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ.. } وأخبر عنهم بقولهم الذي كان سبب استجابة الله تعالى لهم فقال عنهم: {... وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ ٱلْمَصِيرُ } وأخبرهم تعالى أنه لرحمته بهم وحكمته في تصرفه في خلقه لا يكلف نفساً إلا ما تتسع له طاقتُها وتقدر على فعله، وإن لها ما كسبت من الخير فتجزى به خيراً وعليها ما اكتسبت من الشر فتجزى به شرّاً إلا أن يعفوا عنها ويغفر لها فقال: { لاَ يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا ٱكْتَسَبَتْ.. } وعلمهم كيف يدعونه ليقول لهم قد فعلت، كما صح به الخبر فقال قولوا: { رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَآ أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَآ إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَٱعْفُ عَنَّا وَٱغْفِرْ لَنَا وَٱرْحَمْنَآ أَنتَ مَوْلَٰـنَا فَٱنْصُرْنَا عَلَى ٱلْقَوْمِ ٱلْكَافِرِينَ } وفعلا قد عفا عنهم في النسيان والخطأ وخفف عنهم في التشريع فما جعل عليهم في الدين من حرج، وعفا عنهم وغفر لهم ورحمهم ونصرهم على الكافرين بالحجة والبيان وفي المعارك بالسيف والسنان فله الحمد والمنة وهو الكبير المتعال.

السابقالتالي
2