الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ ٱلَّذِينَ يَأْكُلُونَ ٱلرِّبَٰواْ لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ ٱلَّذِي يَتَخَبَّطُهُ ٱلشَّيْطَانُ مِنَ ٱلْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوۤاْ إِنَّمَا ٱلْبَيْعُ مِثْلُ ٱلرِّبَٰواْ وَأَحَلَّ ٱللَّهُ ٱلْبَيْعَ وَحَرَّمَ ٱلرِّبَٰواْ فَمَن جَآءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّنْ رَّبِّهِ فَٱنْتَهَىٰ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى ٱللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } * { يَمْحَقُ ٱللَّهُ ٱلرِّبَٰواْ وَيُرْبِي ٱلصَّدَقَٰتِ وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَٰوةَ وَآتَوُاْ ٱلزَّكَٰوةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ }

شرح الكلمات:

يأكلون الربا: يأخذونه ويتصرفون فيه بالأكل في بطونهم، وبغير الأكل والربا هنا ربا النسيئة وحقيقته أن يكون لك على المرء دين فإذا حل أجله ولم يقدر على تسديده تقول له: أخر وزد فتؤخره أجلا وتزيد في رأس المال قدراً معيناً، هذا هو ربا الجاهلية والعمل به اليوم في البنوك الربوية فيسلفون المرء مبلغاً الى أجل ويزيدون قدراً آخر نحو العشر أو أكثر أو أقل والربا حرام بالكتاب والسنة والإِجماع وسواء كان ربا فضل أو ربا نسيئة.

لا يقومون: من قبورهم يوم القيامة.

يتخبطه الشيطان: يضربه الشيطان ضرباً غير منتظم.

من المس: المس الجنون، يقال: بفلان مسّ من جنون.

موعظة: أمر أو نهي بترك الربا.

فله ما سلف: ليس عليه أن يراد الأموال التي سبقت توبته.

يمحق الله الربا: أي يذهبه شيئاً فشيئاً حتى لا يبقى منه شيء كمحاق القمر آخر الشهر.

ويربي الصدقات: يبارك في المال الذي أخرجت منه، ويزيد فيه، ويضاعف أجرها أضعافاً كثيرة.

كفار أثيم: الكفار: شديد الكفر، يكفر بكل حق وعدل وخير، أثيم: منغمس في الذنوب لا يترك كبيرة ولا صغيرة إلا ارتكابها.

معنى الآيتين:

لما حث الله على الصدقات وواعد عليها بعظيم الأجر ومضاعفة الثواب ذكر المرابين الذين يضاعفون مكاسبهم المالية بالربا وهم بذلك يسدُّون طرق البر، ويصدون عن سبيل المعروف فبدل أن ينموا أموالهم بالصدقات نموها بالربويات، فذكر تعالى حالهم عند القيام من قبورهم وهم يقومون، ويقعدون، ويغفون ويُصرعون، حالهم حال من يصرع في الدنيا بمس الجنون، علامة يعرفون بها يوم القيامة كما يعرفون بانتفاخ بطونهم وكأنها خيمة مضروبة بين أيديهم قال تعالى: { ٱلَّذِينَ يَأْكُلُونَ ٱلرِّبَٰواْ لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ ٱلَّذِي يَتَخَبَّطُهُ ٱلشَّيْطَانُ مِنَ ٱلْمَسِّ } ، وذكر تعالى سبب هذه النقمة عليهم فقال { ذَلِكَ } أي أصابهم ذلك الخزي والعذاب بأنهم ردّوا علينا حكمنا بتحريم الربا وقالوا إنما البيع مثل الربا، إذ الربا الزيادة في نهاية الأجل، والبيع في أوله، ورد تعالى عليهم فقال: { وَأَحَلَّ ٱللَّهُ ٱلْبَيْعَ وَحَرَّمَ ٱلرِّبَٰواْ } فما دام قد حرم الربا فلا معنى للاعتراض، ونسوا أن الزيادة في البيع هي في قيمة سلعة تغلوا وترخص، وهي جارية على قانون الإِذن في التجارة، وأما الزيادة في آخر البيع فهي زيادة في الوقت فقط. ثم قال تعالى مبيّناً لعباده سبيل النجاة محذراً من طريق الهلاك: { فَمَن جَآءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّنْ رَّبِّهِ } وهي تحريمه تعالى للربا ونهيه عنه فانتهى عنه فله ما سلف قبل معرفته للتحريم، أو قبل توبته منه، وأمرُه بعد ذلك إلى الله إن شاء ثبته على التوبة فنجاه، وإن شاء خذله لسوء عمله، وفساد نيّته فأهلكه وأرداه وهذا معنى قوله تعالى: { وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }.

السابقالتالي
2