الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَنْفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّآ أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ ٱلأَرْضِ وَلاَ تَيَمَّمُواْ ٱلْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ } * { ٱلشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ ٱلْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِٱلْفَحْشَآءِ وَٱللَّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً وَٱللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ } * { يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَآءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ }

شرح الكلمات:

من طيبات ما كسبتم: من جيّد أموالكم وأصلحها.

ومما أخرجنا لكم من الأرض: من الحبوب وأنواع الثمار.

ولا تيمموا الخبيث: لا تقصدوا الرديء تنفقون منه.

إلا أن تُغْمِضُوا فيه: إلا أن تغضوا أبصاركم عن النظر في رداءته فتأخذونه بتساهل منكم وتسامح.

حميد: محمود في الأرض والسماء في الأولى والأخرى لما أفاض ويفيض من النعم على خلقه.

يعدكم الفقر: يخوفكم من الفقر ليمنعكم من الإِنفاق في سبيل الله.

ويأمركم بالفحشاء: يدعوكم إلى ارتكاب الفواحش ومنها البخل والشح.

الحكمة: فهم أسرار الشرع، وحفظ الكتاب والسنّة.

أولوا الألباب: أصحاب العقول الراجحة المفكرة فيما ينفع أصحابها.

معنى الآيات:

بعدما رغب تعالى عباده المؤمنين في الإنفاق في سبيله في الآية السَّابقة ناداهم هنا بعنوان الإِيمان وأمرهم بإخراج زكاة أموالهم من جيد ما يكسبون فقال تعالى: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَنْفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّآ أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ ٱلأَرْضِ } يريد الحبوب والثمار كما أن ما يكسبونه يشمل النقدين والماشية من إبل وبقر وغنم، ونهاهم عن التصدق بالردّيء من أموالهم فقال: { وَلاَ تَيَمَّمُواْ ٱلْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ } يريد لا ينبغي لكم أن تنفقوا الرديء وأنتم لو أعطيتموه في حق لكم ما كنتم لتقبلوه لولا أنكم تغمضون وتتساهلون في قبوله، وهذا منه تعالى تأديب لهم وتربية. وأعلمهم أخيراً أنه تعالى غنيٌّ عن خلقه ونفقاتهم فلم يأمرهم بالزكاة والصدقات لحاجة به، وإنما أمرهم بذلك لإكمالهم وإسعادهم، وأنه تعالى حميد محمود بماله من إنعام على سائر خلقه كان هذا معنى الآية [267] أما الآية [268] فإنه تعالى يحذر عباده من الشيطان ووساوسه فأخبرهم أن الشيطان يعدهم الفقر أي يخوفهم منه حتى لا يزكوا ولا يتصدقوا ويأمرهم بالفحشاء فينفقون أموالهم في الشر والفساد ويبخلون بها في الخير، والصالح العام أما هو تعالى فإنه بأمره إياهم بالإنفاق يعدهم مغفرة ذنوبهم لأن الصدقة تكفر الخطيئة، وفضلا منه وهو الرزق الواسع الحسن. وهو الواسع الفضل العليم بالخلق. فاستجيبوا أيها المؤمنين لنداء الله تعالى، وأعرضوا عن نداء الشيطان فإنه عدوكم لا يعدكم إلا بالشر، ولا يأمركم إلا بالسوء والباطل، كان هذا ما تضمنته الآية الثانية أما الآية الثالثة (269) فإن الله تعالى يرغِّب في تعلُّم العلم النافع، العلم الذي يحمل على العمل الصالح، ولا يكون ذلك إلا علم الكتاب والسنة حفظاً وفهماً وفقهاً فيهما فقال تعالى: { يُؤْتِي } أي هو تعالى { الْحِكْمَةَ مَن يَشَآءُ } ممن طلبها وتعرض لها راغباً فيها سائلا الله تعالى أن يعلمه، وأخبر أخيراً أن من يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً فليطلب العاقل الحكمة قبل طلب الدنيا هذه تذكرة { وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ }.

هداية الآيات

من هداية الآيات:

1- وجوب الزكاة في المال الصامت من ذهب وفضة وما يَقومُ مقامهما من العمل وفي الناطق من الإِبل والبقر والغنم إذ الكل داخل في قوله: { مَا كَسَبْتُمْ } وهذا بشرط الحول وبلوغ النصاب.

2- وجوب الزكاة في الحرث: الحبوب والثمار وذلك فيما بلغ نصابا، وكذا في المعادن إذ يشملها لفظ الخارج من الأرض.

3- قبح الإِنفاق من الرديء وترك الجيد.

4- التحذير من الشيطان ووجوب مجاهدته بالإِعراض عن وساوسه ومخالفة أوامره.

5- إجابة نداء الله والعمل بإرشاده.

6- فضل العلم على المال.