الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ مَّثَلُ ٱلَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَٱللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ } * { ٱلَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ثُمَّ لاَ يُتْبِعُونَ مَآ أَنْفَقُواُ مَنّاً وَلاَ أَذًى لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } * { قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَآ أَذًى وَٱللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ }

شرح الكلمات:

مثل الذين ينفقون: صفتهم المستحسنة العجيبة.

سبيل الله: كل ما يوصل إلى مرضاة الله تعالى من الإِيمان وصالح الأعمال.

يضاعف: يزيد ويكثر حتى يكون الشيء أضعاف ما كان.

منّاً ولا أذى: المنّ: ذكر الصدقة وتعدادها على من تُصُدّق بها عليه على وجه التفضل عليه. والأذى: التطاول على المتصدق عليه وإذلاله بالكلمة النابيه أو التي تمس كرامته وتحط من شرفه.

قول معروف: كلام طيب يقال للسائل المحتاج نحو: الله يرزقنا وإياكم، الله كريم. الله يفتح علينا وعليك.

ومغفرة: ستر على الفقير بعدم إظهار فقره، والعفو عن سوء خلقه إن كان كذلك.

غني: غنىً ذاتي لا يفتقر معه إلى شيء أبداً.

حليم: لا يعاجل بالعقوبة بل يعفو ويصفح.

معنى الآيات:

يخبر تعالى مرغبا في الجهاد بالمال لتقدمه على الجهاد بالنفس لأن العدة أولا والرجال ثانياً، أن مثل ما ينفقه المؤمن في سبيل الله وهو هنا الجهاد، في نمائه وبركته وتضاعفه، كمثل حبة برّ بذرت في أرض طيبة فأنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة فأثمرت الحبة الواحدة سبعمائة حبة، وهكذا الدرهم الواحد ينفقه المؤمن في سبيل الله يضاعف إلى سبعمائة ضعف، وقد يضاعف إلى أكثر لقوله تعالى: { وَٱللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ }.

هذا ما تضمنته الآية الأولى [261] وأما الآية الثانية [262] فهي تحمل بشرى الله تعالى للمنفقين في سبيله الذين لا يتبعون ما أنفقوه منّاً به ولا أذى لمن أنفقوه عليه بأن لا خوف عليهم فيما يستقبلونه من حياتهم ولا هم يحزنون على ما يتركون وراءهم ويخلفون. وهذه هي السعادة حيث خلت حياتهم من الخوف والحزن وحل محلها الأمن والسرور. وأخيرا الآية الثالثة [263] وهي { قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ... } فإن الله تعالى يخبر بأن الكلمة الطيبة تقال للفقير ينشرح لها صدره وتطيب لها نفسه خير من مال يعطاه صدقة عليه يهان به ويذل فيشعر بمرارة الفقر أكثر، وألم الحاجة أشد، ومغفرة وستر لحالته وعدم فضيحته أو عفو عن سوء خلقه كإلحاحه في المسألة، خير أيضاً من صدقة يفضح به ويعاتب ويشنع عليه بها. وقوله في آخر الآية: { وَٱللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ } أي مستغن عن الخلق حليم لا يعاجل بالعقوبة من يخالف أمره.

هداية الآيات

من هداية الآيات:

1- فضل النفقة في الجهاد وأنها أفضل النفقات.

2- فضل الصدقات وعواقبها الحميدة.

3- حرمة المن بالصدقة وفي الحديث: " ثلاثة لا يدخلون الجنة... " وذكر من بينهم المنان.

4- الرد الجميل على الفقير إذا لم يوجد ما يعطاه، وكذا العفو عن سوء القول منه ومن غيره خير من الصدقة يتبعها أذى وفي الحديث: " الكلمة الطيبة صدقة ".