الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ تِلْكَ ٱلرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ مِّنْهُمْ مَّن كَلَّمَ ٱللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ٱبْنَ مَرْيَمَ ٱلْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ ٱلْقُدُسِ وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ مَا ٱقْتَتَلَ ٱلَّذِينَ مِن بَعْدِهِم مِّن بَعْدِ مَا جَآءَتْهُمُ ٱلْبَيِّنَاتُ وَلَـٰكِنِ ٱخْتَلَفُواْ فَمِنْهُمْ مَّنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَّن كَفَرَ وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ مَا ٱقْتَتَلُواْ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَنْفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَٰكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خُلَّةٌ وَلاَ شَفَاعَةٌ وَٱلْكَٰفِرُونَ هُمُ ٱلظَّٰلِمُونَ }

شرح الكلمات:

تلك الرسل: أولئك الرسل الذين قص الله تعالى على رسوله بعضاً منهم وأخبره أنه منهم في قولهوَإِنَّكَ لَمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ } [البقرة: 252] في الآية قبل هذه.

من كَلَّم الله: كموسى عليه السلام.

ورفع بعضهم درجات: وهو محمد صلى الله عليه وسلم حيث فضله تفضيلاً على سائر الرسل.

البينات: المعجزات الدالة على صدق عيسى في نبوته ورسالته.

روح القدس: جبريل عليه السلام كان يقف دائماً إلى جانب عيسى يسدده ويقويه إلى أن رفعه الله تعالى إليه.

اقتتلوا: قتل بعضهم بعضا.

أنفقوا مما رزقناكم: النفقة الواجبة وهي الزكاة، ونفقة التطوع المستحبة.

لا بيع فيه: لا يشتري أحد نفسه بمال يدفعه فداءً لنفسه من العذاب.

ولا خُلة: أي صداقة تنفع صاحبها.

ولا شَفاعة: تقبل إلا أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى.

والكافرون: بمنع الزكاة والحقوق الواجبة لله تعالى ولعباده هم الظالمون.

معنى الآيتين:

بعد أن قص الله تبارك وتعالى على رسوله قصة ملأ بني إسرائيل في طلبهم نبيهم شمويل بأن يعين لهم ملكاً يقودهم إلى الجهاد، وكانت القصة تحمل في ثناياها أحداثا من غير الممكن أن يعلمها أميّ مثل محمد صلى الله عليه وسلم بدون ما يتلقَّاها وحياً يوحيه الله تعالى إليه وختم القصة بتقرير نبوته ورسالته بقوله:وَإِنَّكَ لَمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ } أخبر تعالى أن أولئك الرسل فضل بعضهم على بعض، منهم من فضله بتكليمه كموسى عليه السلام ومنهم من فضله بالخلّة كإبراهيم عليه السلام ومنهم من رفعه إليه وأدناه وناجاه وهو محمد صلى الله عليه وسلم ومنهم من آتاه الملك والحكمة وعلمه صنعة الدروع كداود عليه السلام، ومنهم من أتاه الملك والحكمة وسخر له الجن وعلمه منطق الطير كسليمان عليه السلام، ومنهم من آتاه البينات وأيده بروح القدس وهو عيسى عليه السلام. فقال تعالى: { تِلْكَ ٱلرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ مِّنْهُمْ مَّن كَلَّمَ ٱللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ } كنبينا محمد صلى الله عليه وسلم إذ فضله بعموم رسالته وبختم النبوات بنبوته، وبتفضيل أمته، وبإدخاله الجنة في حياته قبل مماته وبتكليمه ومناجاته مع ما خصه من الشفاعة يوم القيامة. ثم أخبر تعالى أنه لو يشاء هداية الناس لهداهم فلم يختلفوا بعد رسلهم ولم يقتتلوا من بعد ما جاءتهم البينات وذلك لعظيم قدرته، وحرّية إرادته فهو يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد. هذا بعض ما أفادته الآية الأولى [253] أما الآية الثانية [254] فقد نادى الله تعالى عباده المؤمنين وأمرهم بالانفاق في سبيل الله تقربّاً إليه وتزوداً للقائه قبل يوم القيامة حيث لا فداء ببيع وشراء، ولا صداقة تجدي ولا شفاعة تنفع، والكافرون بنعم الله وشرائعه هم الظالمون المستوجبون للعذاب والحرمان والخسران.

السابقالتالي
2