الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي ٱلْحَيَٰوةِ ٱلدُّنْيَا وَيُشْهِدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ ٱلْخِصَامِ } * { وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِي ٱلأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ ٱلْحَرْثَ وَٱلنَّسْلَ وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلفَسَادَ } * { وَإِذَا قِيلَ لَهُ ٱتَّقِ ٱللَّهَ أَخَذَتْهُ ٱلْعِزَّةُ بِٱلإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ ٱلْمِهَادُ } * { وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ٱبْتِغَآءَ مَرْضَاتِ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ رَؤُوفٌ بِٱلْعِبَادِ }

شرح الكلمات:

يعجبك: يروق لك وتستحسنه.

في الدنيا: إذا تحدث في أمور الدنيا.

ألد الخصام: قوي الخصومة شديدها لذلاقة لسانه.

تولى: رجع وانصرف، أو كانت له ولاية.

الحرث والنسل: الحرث: الزرع، والنسل: الحيوان.

أخذته العزة بالإثم: أخذته الحميّة والأنف بذنوبه فهو لا يتقي الله.

يشري نفسه: يبيع نفسه لله تعالى بالجهاد في سبيله بنفسه وماله.

معنى الآيات:

يخبر تعالى رسوله والمؤمنين عن حال المنافقين، والمؤمنين الصادقين فقال تعالى مخاطبا الرسول صلى الله عليه وسلم: ومن الناس رجل منافق يحسن القول وإذا قال يعجبك قوله لما عليه من طلاء ورونق وذلك إذا تكلم في أمور الحياة الدنيا بخلاف أمور الآخرة فإنه يجهلها وليس له دافع ليقول فيها لأنه كافر، وعندما يحدث يشهد الله أنه يعتقد ما يقول فيقول للرسول صلى الله عليه وسلم يعلم الله أني مؤمن وأني أحبك، ويشهد الله أني كذا... وإذا قام من مجلسك وانصرف عنك { سَعَىٰ فِي ٱلأَرْضِ } أي مشى فيها بالفساد ليهلك الحرث والنسل بارتكاب عظائم الجرائم فيمنع المطر وَتيبس المحاصيل الزراعية وتمحل الأرض وتموت البهائم وينقطع النسل وعمله هذا مبغوض لله تعالى فلا يحبه ولا يحب فاعله. كما أخبر تعالى أن هذا المنافق إذا أمر بمعروف أو نهي عن منكر فقيل له اتق الله لا تفعل كذا او اترك كذا تأخذه الأنفة والحمية بسبب ذنوبه التي هو متلبس بها فلا يتقي الله ولا يتوب إليه فيكفيه جزاء على نفاقه وشره وفساده جهنم يمتهدها فراشا لا يبرح منها أبداً ولبئس المهاد جهنم.

كما يخبر تعالى عن المؤمن الصادق فيقول من الناس رجل مؤمن صادق الإِيمان باع نفسه وماله لله تعالى طلبا لمرضاته والحياة في جواره في الجنة دار السلام فقال تعالى { وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ٱبْتِغَآءَ مَرْضَاتِ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ رَؤُوفٌ بِٱلْعِبَادِ } رحيم بهم.

قيل أن الرجل المنافق الذي تضمنت الحديث عنه الآيات الثلاثة الأولى هو الأخنس بن شريق، وأن الرجل المؤمن الذي تضمنت الحديث عنه الآية الرابعة [207] هو صهيب بن سنان الرومي أبو يحيى إذ المشركون لما علموا به أنه سيهاجر إلى المدينة ليلحق بالرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه قالوا لن تذهب بنفسك ومالك لمحمد فلن نسمح لك بالهجرة إلا إذا أعطيتنا مالك كله فاعطاهم كل ما يملك وهاجر فلما وصل المدينة ورآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: " ربح البيع أبا يحيى ربح البيع " والآيات وإن نزلت في شأن الأخنس وصهيب فإن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب فالأخنس مثل سوء لكل من يتصف بصفاته، وصهيب مثل الخير والكمال لكل من يتصف بصفاته.

السابقالتالي
2