الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَآ أَنزَلْنَا مِنَ ٱلْبَيِّنَاتِ وَٱلْهُدَىٰ مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي ٱلْكِتَابِ أُولَـٰئِكَ يَلعَنُهُمُ ٱللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ ٱللاَّعِنُونَ } * { إِلاَّ ٱلَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ فَأُوْلَـئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ } * { إِن الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ ٱللَّهِ وَٱلْمَلاۤئِكَةِ وَٱلنَّاسِ أَجْمَعِينَ } * { خَالِدِينَ فِيهَا لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ ٱلْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنْظَرُونَ }

شرح الكلمات:

يكتمون: يخفون ويغطون حتى لا يظهر الشيء المكتوم ولا يعرف فيؤخذ به.

البينات: جمع بينة وهي ما يثبت به شيء المراد إثباته، والمراد به هنا ما يثبت نبوة محمد صلى الله عليه وسلم من نعوت وصفات جاءت في كتاب أهل الكتاب.

الهدى: ما يدل على المطلب الصحيح ويساعد على الوصول إليه والمراد به هنا ما جاء به رسول الله من الدين الصحيح المفضي بالآخذ به إلى الكمال والسعادة في الدنيا والآخرة.

في الكتاب: التوراة والانجيل.

اللعنة: الطرد والبعد من كل خير ورحمة.

اللاعنون: من يصدر عنهم اللعن كالملائكة والمؤمنين.

أصلحوا: ما أفسدوه من عقائد الناس وأمور دينهم بإظهار ما كتموه والإيمان بما كذبوا به وأنكروه.

ولا هم ينظرون: أي بأن يمهلوا ليعتذروا، كقوله تعالى:وَلاَ يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ } [المرسلات: 36].

معنى الآيات:

عاد السياق بعد الإجابة عن تحرج بعض المسلمين من السعي بين الصفا والمروة عاد إلى التنديد بجرائم علماء أهل الكتاب، ودعوتهم إلى التوبة بإظهار الحق والإيمان به فأخبر تعالى أن الذين يكتمون ما أنزله من البينات والهدى في التوراة والإنجيل من صفات الرسول محمد صلى الله عليه وسلم والأمر بالإيمان به وبما جاء به من الدين، هؤلاء البعداء يلعنهم الله تعالى وتلعنهم الملائكة والمؤمنون. هذا ما تضمنته الآية الأولى [159] وفي الآية التي بعدها [160] استثنى تعالى من المبعدين من رحمته من تاب من أولئك الكاتمين للحق بعدما عرفوه فبينوا وأصلحوا فهؤلاء يتوب عليهم ويرحمهم وهو التواب الرحيم.

وفي الآية الثالثة [161] والرابعة [162] أخبر تعالى أن الذين كفروا من أهل الكتاب وغيرهم بنبيه ودينه ولم يتوبوا فماتوا على كفرهم أن عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ولذا فهم مطرودون مبعدون من الرحمة الإِلهية وهي الجنة خالدون في جهنم لا يخفف عنهم عذابها، ولا يمهلون فيعتذرون.

هداية الآيات:

من هداية الآيات:

1- حرمة كتمان العلم وفي الحديث الصحيح " من كتم علماً ألجمه الله بلجام من نار ".

وقال أبو هريرة رضي الله عنه في ظروف معينة: (لولا آية من كتاب الله ما حدثتكم حديثاً) وتلا { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَآ أَنزَلْنَا مِنَ ٱلْبَيِّنَاتِ } إلخ...

2- يشترط لتوبة من أفسد في ظلمه وجهله إصلاح ما أفسد ببيان ما حرف أو بدل وغير، وإظهار ما كتم، وأداء ما أخذه بغير الحق.

3- من كفر ومات على كفره من سائر الناس يلقى في جهنم بعد موته خالداً في العذاب مخلداً لا يخفف عنه ولا ينظر فيعتذر، ولا يفتر عنه العذاب فيستريح.

4- جواز لعن المجاهرين بالمعاصي كشراب الخمر والمرابين، والمتشبهين من الرجال بالنساء ومن النساء بالرجال.