الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُواْ ٱلصَّلَٰوةَ وَٱتَّبَعُواْ ٱلشَّهَوَٰتِ فَسَوْفَ يَلْقَونَ غَيّاً } * { إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُوْلَـٰئِكَ يَدْخُلُونَ ٱلْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ شَيْئاً } * { جَنَّاتِ عَدْنٍ ٱلَّتِي وَعَدَ ٱلرَّحْمَـٰنُ عِبَادَهُ بِٱلْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيّاً } * { لاَّ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً إِلاَّ سَلاَماً وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيّاً } * { تِلْكَ ٱلْجَنَّةُ ٱلَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيّاً }

شرح الكلمات:

خلف: أي عقب سوء.

أضاعوا الصلاة: أهملوها فتركوها فكانوا بذلك كافرين.

اتبعوا الشهوات: انغمسوا في الذنوب والمعاصي كالزنا وشرب الخمر.

يلقون غياً : أي وادياً في جهنم يلقون فيه.

ولا يظلمون شيئاً: أي لا ينقصون شيئا من ثواب حسناتهم.

جنات عدن: أي إقامة دائمة.

بالغيب : أي وعدهم بها وهي غائبة عن أعينهم لغيابهم عنها إذ هي في السماء وهم في الأرض.

مأتياً: أي موعوده وهو ما يعد به عباده آتياً لا محالة.

لغواً: أي فضل الكلام وهو ما لا فائدة فيه.

بكرةً وعشياً: أي بقدرهما في الدنيا وإلا فالجنة ليس فيها شمس فيكون فيها نهار وليل.

من كان تقياً: أي من كان في الحياة الدنيا تقياً لم يترك الفرائض ولم يغش المحارم.

معنى الآيات:

قوله تعالى: { فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ } يخبر تعالى عن أولئك الصالحين ممن اجتبى وهدى من النبيين وذرياتهم، إنه خلف من بعدهم خلف سوء كان من شأنهم أنهم { أَضَاعُواْ ٱلصَّلَٰوةَ } فمنهم من أخرها عن أوقاتها ومنهم من تركها { وَٱتَّبَعُواْ ٱلشَّهَوَٰتِ } فانغمسوا في حمأة الرذائل فشربوا الخمور وشهدوا الزور وأكلوا الحرام ولهوا ولعبوا وزنوا وفجروا، بعد ذهاب أولئك الصالحين كما هو حال النصارى واليهود اليوم وحتى كثير من المسلمين، فهؤلاء الخلف السوء يخبر تعالى أنهم { فَسَوْفَ يَلْقَونَ غَيّاً } بعد دخولهم نار جهنم. والغي: ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه بئر في جهنم وعن ابن مسعود أنه واد في جهنم، والكل صحيح إذ البئر توجد في الوادي وكثيراً ما توجد الآبار في الأودية.

وقوله تعالى: { إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُوْلَـٰئِكَ يَدْخُلُونَ ٱلْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ شَيْئاً } أي لكن من تاب من هذا الخلف السوء وآمن أي حقق إيمانه وعمل صالحاً فأدى الفرائض وترك غشيان المحارم. فأولئك أي فهؤلاء التائبون المنيبون { يَدْخُلُونَ ٱلْجَنَّةَ } مع سلفهم الصالح، { وَلاَ يُظْلَمُونَ شَيْئاً } أي ولا ينقصون ولا يبخسون شيئاً من ثواب أعمالهم.

وقوله تعالى: { جَنَّاتِ عَدْنٍ } أي بساتين إقامة أبدية { ٱلَّتِي وَعَدَ ٱلرَّحْمَـٰنُ عِبَادَهُ بِٱلْغَيْبِ } أي وعدهم بها وهي غائبة عنهم لم يروها لأنها في السماء وهم في الأرض.

وقوله: { إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيّاً } أي كونهم ما رأوها غير ضار لأن ما وعد به الرحمن لا يتخلف أبداً لا بد من الحصول عليه ومعنى مأتياً يأتيه صاحبه قطعاً.

وقوله تعالى في الآية [62] { لاَّ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً } يخبر تعالى أن أولئك التائبين الذين آمنوا وعملوا الصالحات ودخلوا الجنة لا يسمعون فيها أي في الجنة لغواً وهو الباطل من القول وما لا خير فيه من الكلام اللهم إلا السلام فإنهم يتلقونه من الملائكة فيسمعونه منهم وهو من النعيم الروحاني في الجنة دار النعيم.

السابقالتالي
2