الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي أَنْزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ ٱلْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا } * { قَيِّماً لِّيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِّن لَّدُنْهُ وَيُبَشِّرَ ٱلْمُؤْمِنِينَ ٱلَّذِينَ يَعْمَلُونَ ٱلصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً } * { مَّاكِثِينَ فِيهِ أَبَداً } * { وَيُنْذِرَ ٱلَّذِينَ قَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ وَلَداً } * { مَّا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلاَ لآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِباً } * { فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَىٰ آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُواْ بِهَـٰذَا ٱلْحَدِيثِ أَسَفاً }

شرح الكلمات:

الحمد لله: الحمد الوصف بالجميل، والله عَلَم على ذات الرب تعالى.

الكتاب: القرآن الكريم.

ولم يجعل له عوجاً: أي ميلاً عن الحق والاعتدال في ألفاظه ومعانيه.

قيما: أي ذا اعتدال لا إفراط فيه ولا تفريط في كل ما حواه ودعا إليه من التوحيد والعبادة والآداب والشرائع والأحكام.

بأساً شديداً: عذاباً ذا شدة وقسوة وسوء عذاب في الآخرة.

من لدنه: من عنده سبحانه وتعالى.

أجراً حسنا: أي الجنة إذ هي أجر المؤمنين العاملين بالصالحات.

كبرت كلمة: أي عظمت فرية وهي قولهم الملائكة بنات الله.

إن يقولون إلا كذباً: أي ما يقولون إلا كذباً بحتاً لا واقع له من الخارج.

باخع نفسك: قاتل نفسك كالمنتحر.

بهذا الحديث أسفاً: أي بالقرآن من أجل الأسف الذي هو الحزن الشديد.

معنى الآيات:

أخبر تعالى في فاتحة سورة الكهف بأنه المستحق للحمد، وأن الحمد لله وذكر موجب ذلك، وهو إنزاله على عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم الكتاب الفخم العظيم وهو القرآن العظيم الكريم فقال: { ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي أَنْزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ ٱلْكِتَابَ } وقوله تعالى، { وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا } أي ولم يجعل لذلك الكتاب العظيم عوجاً أي ميلاً عن الحق والاعتدال في ألفاظه ومعانية فهو كلام مستقيم محقق للآخذ به كل سعادة وكمال في الحياتين. وقوله { قَيِّماً } أي معتدلا خاليا من الإِفراط والتفريط قيما على الكتب السابقة مهيمناً عليها الحق فيها ما أحقه والباطل ما أبطله.

وقوله { لِّيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِّن لَّدُنْهُ } أي أنزل الكتاب الخالي من العوج القيم من أجل أن ينذر الظالمين من أهل الشرك والمعاصي عذاباً شديداً في الدنيا والآخرة ينزل بهم من عند ربهم الذين كفروا به وأشركوا وعصوه وكذبوا رسوله وعصوه. ومن أجل أن يبشر بواسطته أيضاً { ٱلْمُؤْمِنِينَ ٱلَّذِينَ يَعْمَلُونَ ٱلصَّالِحَاتِ } أي يخبرهم بما يسرهم ويفرح قلوبهم وهو أن لهم عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً وقوله تعالى: { وَيُنْذِرَ } بصورة خاصة أولئك المتقولين على الله المفترين عليه بنسبتهم الولد إليه فقالوا: { ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ وَلَداً } وهم اليهود والنصارى وبعض مشركي العرب الذين قالوا إن الملائكة بنات الله! هذا ما دل عليه قوله تعالى: { وَيُنْذِرَ ٱلَّذِينَ قَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ وَلَداًً } وهو قول تَوَارَثُوهُ لا علم لأحد منهم به، وإنما هو مجرد كذب يتناقلونه بينهم لذا قبح الله قولهم هذا وعجّب منه العقلاء، فقال: { كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ } أي عظم قولهم { ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ وَلَداً } كلمة قالوها تخرج من أفواههم لا غير إذ لا واقع لها أبداً، وقرر الانكار عليهم فقال: { إِن يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِباً } أي ما يقولون إلا الكذب البحت الذي لا يعتمد على شيء من الصحة البتة.

السابقالتالي
2