الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَيَوْمَ نُسَيِّرُ ٱلْجِبَالَ وَتَرَى ٱلأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً } * { وَعُرِضُواْ عَلَىٰ رَبِّكَ صَفَّاً لَّقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّن نَّجْعَلَ لَكُمْ مَّوْعِداً } * { وَوُضِعَ ٱلْكِتَابُ فَتَرَى ٱلْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يٰوَيْلَتَنَا مَالِ هَـٰذَا ٱلْكِتَابِ لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُواْ مَا عَمِلُواْ حَاضِراً وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً }

شرح الكلمات:

نُسير الجبال: أي تقتلع من أصولها وتصير هباءً منبثاً.

بارزة: ظاهرة إذ فنى كل ما كان عليها من عمران.

فلم نغادر: لم نترك منهم أحداً.

موعداً: أي ميعاداً لبعثكم أحياء للحساب والجزاء.

ووضع الكتاب: كتاب الحسنات وكتاب السيئات فيؤتاه المؤمن بيمينه والكافر بشماله..

مشفقين: خائفين.

يا ويلتنا: أي يا هلكتنا احضري هذا أوَان حُضُورك.

لا يغادر صغيرة: أي لا يترك صغيرة من ذنوبنا ولا كبيرة إلا جمعها عَدَّاً.

ما عملوا حاضراً: مثبتاً في كتابهم، مسجلاً فيها.

معنى الآيات:

لما ذكر تعالى مآل الحياة الدنيا وأنه الْفَناء والزوال ورغَّب في الصالحات وثوابها المرجو يوم القيامة، ناسب ذكر نبذة عن يوم القيامة، وهو يوم الجزاء على الكسب في الحياة الدنيا قال تعالى: { وَيَوْمَ نُسَيِّرُ ٱلْجِبَالَ } أي اذكر { وَيَوْمَ نُسَيِّرُ } أي تقتلع من أصولها وتصير هباءً منبثاً، { وَتَرَى ٱلأَرْضَ بَارِزَةً } ظاهرة ليس عليها شيء، فهي قاع صفصف { وَحَشَرْنَاهُمْ } أي جمعناهم من قبورهم للموقف { فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً } أي لم نترك منهم أحداً كائناً من كان، { وَعُرِضُواْ عَلَىٰ رَبِّكَ } أيها الرسول صفاً وقوفاً أذلاء، وقِيلَ لهم توبيخاً وتقريعاً: { لَّقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ } لا مال معكم ولا سلطان لكم بل حفاة عراة غُرلاً، جمع أغرل، وهو الذي لم يختتن.

وقوله تعالى: { بَلْ زَعَمْتُمْ } أي ادعيتم كذباً أنا لا نجمعكم ليوم القيامة، ولن نجعل لكم موعداً فها أنتم مجموعون لدينا تنتظرون الحساب والجزاء، وفي هذا من التوبيخ والتقريع ما فيه، وقوله تعالى في الآية { وَوُضِعَ ٱلْكِتَابُ } يخبر تعالى عن حال العرض عليه فقال: { وَوُضِعَ ٱلْكِتَابُ } أي كتاب الحسنات والسيئات وأعطى كل واحدٍ كتابه فالمؤمن يأخذه بيمينه والكافر بشماله، { فَتَرَى ٱلْمُجْرِمِينَ } في تلك الساعة { مُشْفِقِينَ } أي خائفين { مِمَّا فِيهِ } أي في الكتاب من السيآت { وَيَقُولُونَ يٰوَيْلَتَنَا } ندماً وتحسراً ينادون يا ويلتهم وهي هلاكهم قائلين: { مَالِ هَـٰذَا ٱلْكِتَابِ لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً } من ذنوبنا { إِلاَّ أَحْصَاهَا } أي أثبتها عَدّاً.

وقوله تعالى: في آخر العرض { وَوَجَدُواْ مَا عَمِلُواْ حَاضِراً } أي من خير وشر مثبتاً في كتابهم، وحوسبوا به، وجوزوا عليه { وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً } بزيادة سيئة على سيئاته أو بنقص حسنة من حسناته، ودخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار.

هداية الآيات:

من هداية الآيات:

1- تقرير عقيدة البعث والجزاء بعرضها على مسامع المنكرين لها.

2- يبعث الإنسان كما خلقه الله ليس معه شيء، حافياً عارياً لم يقطع منه غلفة الذكر.

3- تقرير عقيدة كتب الأعمال في الدنيا وإعطائها أصحابها في الآخرة تحقيقاً للعدالة الإِلهية.

4- نفي الظلم عن الله تعالى وهو غير جائز عليه لغناه المطلق وعدم حاجته إلى شيء.