الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَٱتْلُ مَآ أُوْحِيَ إِلَيْكَ مِن كِتَابِ رَبِّكَ لاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَداً } * { وَٱصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِٱلْغَدَاةِ وَٱلْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلاَ تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَٱتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً } * { وَقُلِ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُواْ يُغَاثُواْ بِمَآءٍ كَٱلْمُهْلِ يَشْوِي ٱلْوجُوهَ بِئْسَ ٱلشَّرَابُ وَسَآءَتْ مُرْتَفَقاً } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً } * { أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ ٱلأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَاباً خُضْراً مِّن سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى ٱلأَرَآئِكِ نِعْمَ ٱلثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً }

شرح الكلمات:

واتل ما أوحي إليك من الكتاب: أي اقرأ القرآن تعبداً ودعوة وتعليماً.

لا مبدل لكلماته: أي لا مغير لكلمات الله في ألفاظها ولا معانيها وأحكامها.

ملتحداً: أي ملجأ تميل إليه إحتماءاً به.

واصبر نفسك: أي إحبسها.

يريدون وجهه: أي طاعته ورضاه، لا عرضاً من عرض الدنيا.

ولا تعد عيناك عنهم: أي لا تتجاوزهم بنظرك إلى غيرهم من أبناء الدنيا.

تريد زينة الحياة الدنيا: أي بمجالستك الأغنياء تريد الشرف والفخر.

من أغفلنا قلبه: أي جعلناه غافلاً عما يجب عليه من ذكرنا وعبادتنا.

وكان أمره فرطاً: أي ضياعاً وهلاكاً.

أحاط بهم سرادقها: حائط من نار أحيط بهؤلاء المعذبين في النار.

بماء كالمهل: أي كعكر الزيت أي الدردي وهو ما يبقى في أسفل الإِناء ثخناً رديئاً.

من سندس واستبرق: أي مَارَقَّ من الديباج، والاستبرق ما غلظ منه أي من الديباج.

معنى الآيات:

بعد نهاية الحديث عن أصحاب الكهف أمر تعالى رسوله بتلاوة كتابه فقال: { وَٱتْلُ } أي وقرأ { مَآ أُوْحِيَ إِلَيْكَ مِن كِتَابِ رَبِّكَ } تعبداً ودعوة للناس إلى ربهم به وتعليماً للمؤمنين بما جاء فيه من الهدى.

وقوله: { لاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ } أي لا تتركن تلاوته والعمل به والدعوة إليه فتكون من الهالكين فإن ما وعد ربك به المعرضين عنه المكذبين به كائن حقاً وواقع صدقاً فإن ربك { لاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ } المشتملة على وعده لأوليائه ووعيده لأعدائه ممن كفروا به وكذبوا بكتابه فلم يحلوا حلاله ولم يحرموا حرامه.

وقوله تعالى: { وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَداً } أي إنك إن لم تتل كتابه الذي أوحاه إليك وتعمل بما فيه فَنَالَكَ ما أوعد به الكافرين المعرضين عن ذكره. { وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَداً } أي موئلاً تميل إليه وملجأ تحتمي به وإذا كان مثل هذا الوعيد الشديد يوجه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو المعصوم فغيره ممن تركوا تلاوة القرآن والعمل به فلا أقاموا حدوده ولا أحلوا حلاله ولا حرموا حرامه أولى بهذا الوعيد وهو حائق بهم لا محالة إن لم يتوبوا قبل موتهم وقوله تعالى: { وَٱصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِٱلْغَدَاةِ وَٱلْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ } نزل هذا التوجيه للرسول صلى الله عليه وسلم عندما عرض عليه المشركون إبعاد أصحابه الفقراء كبلال وصهيب وغيرهما ليجلسوا إليه ويسمعوا منه فنهاه ربه عن ذلك وأمره أن يحبس نفسه مع أولئك الفقراء المؤمنين { ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ } ربهم في صلاتهم في الصباح والمساء لا يريدون بصلاتهم وتسبيحهم ودعائهم عرضاً من أعراض الدنيا وإنما يريدون رضا الله ومحبته بطاعته في ليلهم ونهارهم.

وقوله تعالى: { وَلاَ تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ } أي لا تتجاوز ببصرك هؤلاء المؤمنين الفقراء إلى أولئك الأغنياء تريد مجالستهم للشرف والفخر وقوله { وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا } فجعلناه غافلاً عن ذكرنا وذكر وعدنا ووعيدنا ليكون من الهالكين لعناده وكبريائه وظلمه.

السابقالتالي
2