الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ ٱلْفِرْدَوْسِ نُزُلاً } * { خَالِدِينَ فِيهَا لاَ يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلاً } * { قُل لَّوْ كَانَ ٱلْبَحْرُ مِدَاداً لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ ٱلْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً } * { قُلْ إِنَّمَآ أَنَاْ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَآ إِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُواْ لِقَآءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدَاً }

شرح الكلمات:

كانت لهم: أي جزاء إيمانهم وعملهم الصالح.

الفردوس نزلاً: هو وسط الجنة وأعلاها ونزلاً منزل إكرام وإنعام.

لا يبغون عنها حولا: أي لا يطلبون تحولاً منها لأنها لا خير منها أبداً.

لو كان البحر: أي ماؤه مداداً.

قبل أن تنفد كلمات ربي: أي قبل أن تفرغ.

لنفد البحر: أي ولم تنفذ هي أي لم تفرغ.

يرجو لقاء ربه: يأمل وينتظر البعث والجزاء يوم القيامة حيث يلقى ربه تعالى.

ولا يشرك بعبادة ربه أحدا: أي لا يرائي بعمله أحداً ولا يشرك في عبادة الله تعالى غيره تعالى.

معنى الآيات:

بعدما ذكر تعالى جزاء أهل الشرك والأهواء وأنه جهنم ناسب ذكر جزاء أهل الإِيمان والتقوى التي هي عمل الصالحات واجتناب المحرمات فقال: { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } أي صدقوا الله ورسوله وآمنوا بلقاء الله، ووعد لأوليائه، ووعيده لأعدائه من أهل الشرك والمعاصي، وعملوا الصالحات فأدوا الفرائض والواجبات وسارعوا في النوافل والخيرات هؤلاء { كَانَتْ لَهُمْ } في علم الله وحكمه { جَنَّاتُ ٱلْفِرْدَوْسِ } أي بساتين الفردوس منزلاً ينزلونه ودار كرامة يكرمون فيها وينعمون، والفردوس أعلى الجنة وأوسطها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم واصفاً لها ومرغباً فيها وقد ارتادها وانتهى إلى مستوى فوقها ليلة الإِسراء والمعراج قال: " إن سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنها أوسط الجنة وأعلى الجنة وفوقها عرش الرحمن تبارك وتعالى، ومنه تفجر أنهار الجنة " ، كما في الصحيح، وقوله تعالى { خَالِدِينَ فِيهَا لاَ يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلاً } أي ماكثين فيها أبداً لا يطلبون متحولاً عنها إذ نعيمها لا يمل وسعادتها لا تنقص، وصفْوها لا يكدر وسرورها لا ينغص بموت ولا بمرض ولا نصب ولا تعب جعلني الله ومن قال أمين من أهلها. آمين. وقوله تعالى: { قُل لَّوْ كَانَ ٱلْبَحْرُ مِدَاداً لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ ٱلْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً } تضمنت هذه الآية رداً على اليهود الذين لما نزل قول الله تعالىوَمَآ أُوتِيتُم مِّنَ ٱلْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً } [الإسراء: 85] في الرد عليهم لما سألوا عن الروح بواسطة وفد قريش إليهم. فقالوا: أوتينا التوراة وفيها علم كل شيء فأنزل الله تعالى قل لو كان البحر مداداً الآية رداً عليهم وإبطالاً لمزاعمهم فأعلمهم وأعلم كل من يدعي العلم الذي ما فوقه علم بأنه لو كان ماء البحر مدادا وكان كل غصن وعود في أشجار الدنيا كلها قلماً، وكتب بهما لنفد ماء البحر وأغصان الشجر ولم تنفد كلمات ربي التي تحمل العلوم والمعارف الإِلهية وتدل عليها وتهدي إليها فسبحان الله وبحمده، سبحانه الله العظيم سبحان الله الذي انتهى إليه علم كل شيء وهو على كل شيء قدير.

السابقالتالي
2