الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى ٱلأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُم أَحْسَنُ عَمَلاً } * { وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيداً جُرُزاً } * { أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ ٱلْكَهْفِ وَٱلرَّقِيمِ كَانُواْ مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً } * { إِذْ أَوَى ٱلْفِتْيَةُ إِلَى ٱلْكَهْفِ فَقَالُواْ رَبَّنَآ آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّىءْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً } * { فَضَرَبْنَا عَلَىٰ آذَانِهِمْ فِي ٱلْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً } * { ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الحِزْبَيْنِ أَحْصَىٰ لِمَا لَبِثُواْ أَمَداً }

شرح الكلمات:

صعيداً جرزاً: أي تراباً لا نبات فيه، فالصعيد هو التراب والجرز الذي لا نبات فيه.

الكهف: النقب الواسع في الجبل والضيق منه يقال له " غار ".

والرقيم: لوح حجري رقمت فيه أسماء أصحاب الكهف.

أوى الفتية إلى الكهف: اتخذوه مأوى لهم ومنزلاً نزلوا فيه.

الفتية: جمع فتى وهم شبان مؤمنون.

هيئ لنا من أمرنا رشداً: أي ييسر لنا طريق رشد وهداية.

فضربنا على آذانهم: أي ضربنا على آذانهم حجاباً يمنعهم من سماع الأصوات والحركات.

سنين عدداً: أي أعواماً عدة.

ثم بعثناهم: أي من نومهم بمعنى أيقظناهم.

أحصى لما لبثوا: أي أضبط لأوقات بعثهم في الكهف.

أمداً: أي مدة محدودية معلومة.

معنى الآيات:

قوله تعالى: { إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى ٱلأَرْضِ زِينَةً لَّهَا } من حيوان وأشجار ونبات وأنهار وبحار، وقوله { لِنَبْلُوَهُمْ } أي لنختبرهم { أَيُّهُم أَحْسَنُ عَمَلاً } أي أيهم أترك لها وأتبع لأمرنا ونهينا وأعمل فيها بطاعتنا وقوله: { وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيداً جُرُزاً } أي وإنا لمخربوها في يوم، من الأيام بعد عمارتها ونضارتها وزينتها نجعلها { صَعِيداً جُرُزاً } أي تراباً لا نبات فيه، إذاً فلا تحزن يا رسولنا ولا تغتم مما تلاقيه من قومك فإن مآل الحياة من أجلها عادوك وعصوننا إلى أن تصبح صعيداً جرزاً. وقوله تعالى: { أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ ٱلْكَهْفِ وَٱلرَّقِيمِ كَانُواْ مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً } أي أظننت أيها النبي أن أصحاب الكهف أي الغار في الكهف والرقيم وهو اللوح الذي كتبت عليه ورقم أسماء أصحاب الكهف وأنسابهم وقصتهم { كَانُواْ مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً } أي كان أعجب من آياتنا في خلق ومخلوقات، السماوات والأرض بل من مخلوقات الله ما هو أعجب بكثير. وقوله: { إِذْ أَوَى ٱلْفِتْيَةُ إِلَى ٱلْكَهْفِ } هذا شروع في ذكر قصتهم العجيبة، أي اذكر للسائلين لك عن قصة هؤلاء الفتية، إذ أووا إلى الغار في الكهف فنزلوا فيه، واتخذوه مأوى لهم ومنزلاً هروباً من قومهم الكفار أن يفتنوهم في دينهم وهم سبعة شبان ومعهم كلب لهم فقالوا سائلين ربهم: { رَبَّنَآ آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّىءْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً } أي أعطنا من عندك رحمة تصحبنا في هجرتنا هذه للشرك والمشركين { وَهَيِّىءْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً } أي ويسر لنا من أمرنا في فرارنا من ديار المشركين خوفاً على ديننا { رَشَداً } أي سداداً وصلاحاً ونجاة من أهل الكفر والباطل، قال ابن جرير الطبري في تفسيره لهذه الآيات وقد اختلف أهل العلم في سبب مصير هؤلاء الفتية إلى الكهف الذي ذكر الله في كتابه فقال بعضهم: كان سبب ذلك أنهم كانوا مسلمين على دين عيسى وكان لهم ملك عابد وثن دعاهم إلى عبادة الأصنام فهربوا بدينهم منه خشية أن يفتنهم عن دينهم أو يقتلهم فاستخفوا منه في الكهف وقوله تعالى: { فَضَرَبْنَا عَلَىٰ آذَانِهِمْ فِي ٱلْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً } أي فضربنا على آذانهم حجاباً يمنعهم من سماع الأصوات والحركات فناموا في كهفهم سنين معدودة أي ثلاثمائة وتسع سنين، وكانوا يتقلبون بلطف الله وتدبيره لهم من جنب إلى جنب حتى بعثهم من نومهم وهذا استجابة الله تعالى لهم إذ دعوه قائلين: { رَبَّنَآ آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً } وقوله تعالى: { ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ } أي من نومهم ورقادهم { لِنَعْلَمَ أَيُّ الحِزْبَيْنِ أَحْصَىٰ لِمَا لَبِثُواْ } أي في الكهف { أَمَداً } أي لنعلم عِلْمَ مشاهدة ولينظر عبادي فيعلموا أي الطائفتين اللتين اختلفتا في قدر لبثهم في الكهف كانت أحصى لمدة لبثهم في الكهف حيث اختلف الناس إلى حزبين حزب يقول لبثوا في كهفهم كذا سنة وآخر يقول لبثوا إلى مدى أي غاية كذا من السنين.

السابقالتالي
2