الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ أَقِمِ ٱلصَّلاَةَ لِدُلُوكِ ٱلشَّمْسِ إِلَىٰ غَسَقِ ٱلَّيلِ وَقُرْآنَ ٱلْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ ٱلْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً } * { وَمِنَ ٱلْلَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُوداً } * { وَقُل رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَٱجْعَل لِّي مِن لَّدُنْكَ سُلْطَاناً نَّصِيراً } * { وَقُلْ جَآءَ ٱلْحَقُّ وَزَهَقَ ٱلْبَاطِلُ إِنَّ ٱلْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً } * { وَنُنَزِّلُ مِنَ ٱلْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَآءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ ٱلظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَاراً } * { وَإِذَآ أَنْعَمْنَا عَلَى ٱلإنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ ٱلشَّرُّ كَانَ يَئُوساً } * { قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَىٰ شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَىٰ سَبِيلاً }

شرح الكلمات:

لدلوك الشمس: أي زوالها من كبد السماء ودحوضها إلى جهة الغرب.

إلى غسق الليل: أي إلى ظلمة الليل، إذ الغسق الظلمة.

وقرآن الفجر: صلاة الصبح.

كان مشهوداً: تشهده الملائكة، ملائكة الليل وملائكة النهار.

فتهجد به: أي بالقرآن.

نافلة: أي زائدة عن الغرض وهي التهجد بالليل.

مقاماً محموداً: هو الشفاعة العظمى يوم القيامة حيث يحمده الأولون والآخرون.

أدخلني مدخل صدق: أي المدينة، إدخالاً مرضياً لا أرى فيه مكروهاً.

وأخرجني مخرج صدق: أي من مكة إخراجاً لا ألتفت بقلبي إليها.

وقل جاء الحق وزهق الباطل: أي عند دخولك مكة فاتحاً لها بإذن الله تعالى.

زهق الباطل: أي ذهب واضمحل.

أعرض ونأ بجانبه: أعرض عن الشكر فلم يشكر، ونأ بجانبه: أي ثنى عطفه متبختراً في كبرياء.

على شاكلته: أي طريقته ومذهبه الذي يشاكل حاله في الهدى والضلال.

معنى الآيات:

بعد ذلك العرض الهائل لتلك الأحداث الجسام أمر تعالى رسوله بإقام الصلاة فإنها مأمن الخائفين، ومنار السالكين، ومعراج الأرواح إلى ساحة الأفراح فقال: { أَقِمِ ٱلصَّلاَةَ لِدُلُوكِ ٱلشَّمْسِ } أي لأول دلوكها وهو ميلها من كبد السماء إلى الغرب وهو وقت الزوال ودخول وقت الظهر، وقوله { إِلَىٰ غَسَقِ ٱلَّيلِ } أي إلى ظلمته، ودخلت صلاة العصر فيما بين دلوك الشمس وغسق الليل، ودخلت صلاة المغرب وصلاة العشاء في غسق الليل الذي هو ظلمته، وقوله: { وَقُرْآنَ ٱلْفَجْرِ } أي صلاة الصبح وهذه هي الصلوات الخمس المفروضة على أمة الإِسلام، النبي وأتباعه سواء وقوله { إِنَّ قُرْآنَ ٱلْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً } يعني محضوراً، تحضره ملائكة النهار لتنصرف ملائكة الليل، لحديث الصحيح " يتعاقب فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار... " وقوله { وَمِنَ ٱلْلَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ } أي صلاة زائدة على الفرائض الخمس وهي قيام الليل، وهو واجب عليه صلى الله عليه وسلم بهذه الآية، وعلى أمته مندوب إليه، مرغوب فيه.

وقوله: { عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُوداً } عسى من الله تعالى تفيد الوجوب، ولذا فقد أخبر تعالى رسوله مبشراً إياه بأن يقيمه يوم القيامة { مَقَاماً مَّحْمُوداً } يحمده عليه الأولون والآخرون. وهو الشفاعة العظمى حيث يتخلى عنها آدم فمن دونه.. حتى تنتهي إليه صلى الله عليه وسلم فيقول: أنالها، أنالها، ويأذن له ربه فيشفع للخليقة في فضل القضاء، ليدخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار، وتستريح الخليقة من عناء الموقف وطوله وصعوبته.

وقوله تعالى: { وَقُل رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ }. هذه بشارة أخرى أن الله تعالى أذن لرسوله بالهجرة من تلقاء نفسه لا بإخراج قومه وهو كاره. فقال له: قل في دعائك ربي أدخلني المدينة دار هجرتي { مُدْخَلَ صِدْقٍ } بحيث لا أرى فيها مكروهاً، وأخرجني من مكة يوم تخرجني { مُخْرَجَ صِدْقٍ } غير ملتفت إليها بقلبي شوقاً وحنيناً إليها.

السابقالتالي
2