الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ رَّبُّكُمُ ٱلَّذِي يُزْجِي لَكُمُ ٱلْفُلْكَ فِي ٱلْبَحْرِ لِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ إِنَّهُ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً } * { وَإِذَا مَسَّكُمُ ٱلْضُّرُّ فِي ٱلْبَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى ٱلْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ ٱلإِنْسَانُ كَفُوراً } * { أَفَأَمِنْتُمْ أَن يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ ٱلْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً ثُمَّ لاَ تَجِدُواْ لَكُمْ وَكِيلاً } * { أَمْ أَمِنْتُمْ أَن يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَىٰ فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفاً مِّنَ ٱلرِّيحِ فَيُغْرِقَكُم بِمَا كَفَرْتُمْ ثُمَّ لاَ تَجِدُواْ لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعاً } * { وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي ءَادَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِّنَ ٱلطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً }

شرح الكلمات:

يزجي لكم الفلك: أي يسوقها فتسير فيه.

لتبتغوا من فضله: أي لتطلبوا رزق الله بالتجارة من إقليم إلى آخر.

وإذا مسكم الضُر: أي الشدة والبلاء والخوف من الغرق.

ضل من تدعون إلا إياه: أي غاب عنكم من كنتم تدعونهم من آلهتكم.

أعرضتم: أي عن دعاء الله وتوحيده في ذلك.

أو يرسل عليكم حاصباً: أي ريحاً ترمي بالحصباء لشدتها.

ثم لا تجدوا لكم وكيلاً: أي حافظاً منه أي من الخسف أو الريح الحاصب.

قاصفاً من الريح: أي ريحاً شديدة تقصف الأشجار وتكسرها لقوتها.

علينا به تبيعاً: أي نصيراً ومعيناً يتبعنا ليثأر لكم منا.

ولقد كرمنا بني آدم: أي فضلناهم بالعلم والنطق واعتدال الخلق.

حملناهم في البر والبحر: في البر على البهائم والبحر على السفن.

معنى الآيات:

ما زال السياق الكريم في تقرير التوحيد والدعوة إليه. فقوله تعالى: { رَّبُّكُمُ ٱلَّذِي يُزْجِي لَكُمُ ٱلْفُلْكَ فِي ٱلْبَحْرِ لِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ } يخبرهم تعالى بأن ربهم الحق الذي يجب أن يعبدوه ويطيعوه بعد أن يؤمنوا هو الذي { يُزْجِي لَكُمُ ٱلْفُلْكَ } أي السفينة { فِي ٱلْبَحْرِ } أي يسوقها فتسير بهم في البحر إلى حيث يريدون من أجل أن يطلبوا رزق الله لهم بالتجارة من إقليم لآخر. هذا هو إلهكم الحق، أما الأصنام والأوثان فهي مخلوقة لله مربوية له، لا تملك لنفسها فضلاً عن غيرها، نفعاً ولا ضراً.

وقوله تعالى: { إِنَّهُ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً } ومن رحمته تعالى تسخيره البحر لهم وإزجاء السفن وسوقها فيه ليحصلوا على أقواتهم عن طريق السفر والتجارة. وقوله تعالى: { وَإِذَا مَسَّكُمُ ٱلْضُّرُّ فِي ٱلْبَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ } يذكرهم بحقيقة واقعة لهم وهي أنهم إذا ركبوا في الفلك وأصابتهم شدة من مرض أو ضلال طريق أو عواصف بحرية اضطربت لها السفن وخافوا الغرق دعوا الله وحده ولم يبق من يدعوه سواه تعالى لكنهم إذا نجاهم من الهلكة التي خافوها ونزلوا بشاطئ السلامة أعرضوا عن ذكر الله وذكروا آلهتهم ونسوا ما كانوا يدعونه وهو الله من قبل { وَكَانَ ٱلإِنْسَانُ كَفُوراً } هذا طبعه وهذه حاله سرعة النسيان، وشدة الكفران وقوله تعالى: وهو يخاطبهم لهدايتهم { أَفَأَمِنْتُمْ أَن يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ ٱلْبَرِّ } يقرعهم على إعراضهم فيقول { أَفَأَمِنْتُمْ } الله تعالى { أَن يَخْسِفَ بِكُمْ } جانب الأرض الذي نزلتموه عند خروجكم من البحر { أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً } أي ريحاً شديدة تحمل الحصباء فيهلككم كما أهلك عاداً { ثُمَّ لاَ تَجِدُواْ لَكُمْ } من غير الله { وَكِيلاً } يتولى دفع العذاب عنكم ويقول: { أَمْ أَمِنْتُمْ } الله تعالى { أَن يُعِيدَكُمْ فِيهِ } أي في البحر { تَارَةً أُخْرَىٰ } أي مرة أخرى { فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفاً مِّنَ ٱلرِّيحِ } أي ريحاً شديدة تقصف الأشجار وتحطمها { فَيُغْرِقَكُم بِمَا كَفَرْتُمْ } أي بسبب كفركم كما أغرق آل فرعون { ثُمَّ لاَ تَجِدُواْ لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعاً } أي تابعاً يثأر لكم منا ويتبعنا مطالباً بما نلنا منكم من العذاب.

السابقالتالي
2