الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَإِذَا قَرَأْتَ ٱلْقُرآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ حِجَاباً مَّسْتُوراً } * { وَجَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِيۤ ءَاذَانِهِمْ وَقْراً وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي ٱلْقُرْءَانِ وَحْدَهُ وَلَّوْاْ عَلَىٰ أَدْبَٰرِهِمْ نُفُوراً } * { نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوَىٰ إِذْ يَقُولُ ٱلظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُوراً } * { ٱنْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُواْ لَكَ ٱلأَمْثَالَ فَضَلُّواْ فَلاَ يَسْتَطِيعْونَ سَبِيلاً }

شرح الكلمات:

حجابا مستورا: أي ساتراً فلا يسمعون كلام الله تعالى.

وجعلنا على قلوبهم أكنة: أي أغطية على القلوب فلا تعي ولا تفهم.

وفي آذانهم وقراً: أي ثقلاً فلا يسمعون القرآن ومواعظه.

ولو على أدبارهم نفوراً: أي فراراً من السماع حتى لا يسمعوا.

بما يستمعون به: أي بسببه وهو الهزء بالنبي صلى الله عليه وسلم.

وإذ هم نجوى: أي يتناجون بينهم يتحدثون سراً.

رجلاً مسحوراً: أي مغلوباً على عقله مخدوعاً.

ضربوا لك الأمثال: أي قالوا ساحر، وقالوا كاهن وقالوا شاعر.

فضلوا: أي عن الهدى فلا يستطيعون سبيلاً.

معنى الآيات:

قوله تعالى: { وَإِذَا قَرَأْتَ ٱلْقُرآنَ } يخبر تعالى رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم إنه إذ قرأ القرآن على المشركين ليدعوهم به إلى الله تعالى ليؤمنوا به ويعبدوه وحده جعل الله تعالى بينه وبين المشركين حجاباً ساتراً، أو مستوراً لا يُرى وهو حقاً حائل بينهم وبين الرسول صلى الله عليه وسلم حتى لا يسمعوا القرآن الذي يقرأ عليهم فلا ينتفعون به. وهذا الحجاب ناتج عن شدة بغضهم للرسول صلى الله عليه وسلم وكراهيتهم لدعوته فهم لذلك لا يرونه ولا يسمعون قراءته. وقوله تعالى: { وَجَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ } جمع كنان وهو الغطاء حتى لا يصل المعنى المقروء من الآيات إلى قلوبهم فيفقهوه، وقوله: { وَفِيۤ ءَاذَانِهِمْ وَقْراً } أي وجعل تعالى في آذان أولئك المشركين الخصوم ثقلاً في آذانهم فلا يسمعون القرآن الذي يتلى عليهم، وهذا كله من الحجاب الساتر والأكنة، والوقر في الآذان عقوبة من الله تعالى لهم حرمهم بها من الهداية بالقرآن لسابقة الشر لهم وما ظلمهم الله ولكن كانوا هم الظالمين ببغضهم للرسول وما جاء به وحربهم له ولما به من التوحيد والدين الحق، وقوله تعالى: { وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي ٱلْقُرْءَانِ وَحْدَهُ } بأن قلت لا إله إلا الله، أو ما أفهم معنى لا إله إلا الله ولى المشركون على أدبارهم نفوراً من سماع التوحيد لحبهم الوثنية وتعلق قلوبهم بالشرك.

وقوله تعالى { نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ } يقول تعالى لرسوله نحن أعلم بما يستمع به المشركون أي بسبب أنهم يستمعون من أجل الاستهزاء بك والسخرية منك ومما تتلوه لا أنهم يستمعون للعلم والمعرفة ولطلب الحق والاهتداء إليه. وقوله: { إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوَىٰ } أي يناجي بعضهم بعضاً { إِذْ يَقُولُ ٱلظَّالِمُونَ } أي المشركون { إِن تَتَّبِعُونَ } أي لا تتبعون { إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُوراً } أي مخدوعاً مغلوباً على أمره، فكيف تتبعونه إذاً؟.

وقوله تعالى: { ٱنْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُواْ لَكَ ٱلأَمْثَالَ } أي انظر يا رسولنا كيف ضرب لك وهؤلاء المشركون المعاندون الأمثال فقالوا عنك: ساحر، شاعر، وكاهن ومجنون فضلوا في طريقهم { فَلاَ يَسْتَطِيعْونَ سَبِيلاً } إنهم عاجزون عن الخروج من حيرتهم هذه التي أوقعهم فيها كفرهم وعنادهم.

السابقالتالي
2