الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ أَلَمْ يَرَوْاْ إِلَىٰ ٱلطَّيْرِ مُسَخَّرَٰتٍ فِي جَوِّ ٱلسَّمَآءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ ٱللَّهُ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لأَيٰتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } * { وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَناً وَجَعَلَ لَكُمْ مِّن جُلُودِ ٱلأَنْعَامِ بُيُوتاً تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَآ أَثَاثاً وَمَتَاعاً إِلَىٰ حِينٍ } * { وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِّمَّا خَلَقَ ظِلاَلاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِّنَ ٱلْجِبَالِ أَكْنَاناً وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ ٱلْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُم بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ } * { فَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ ٱلْبَلاَغُ ٱلْمُبِينُ } * { يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ ٱللَّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ ٱلْكَافِرُونَ }

شرح الكلمات:

مسخراتٍ في جو السماء: أي مذللات في الفضاء بين السماء والأرض وهو الهواء.

ما يمسكهن: أي عند قبض أجنحتها وبسطها إلا الله تعالى بقدرته وسننه في خلقه.

من بيوتكم سكناً: أي مكاناً تسكنون فيه وتخلدون للراحة.

من جلود الأنعام بيوتاً: أي خياماً وقباباً.

يوم ظعنكم: أي ارتحالكم في أسفاركم.

أثاثاً ومتاعاً إلى حين: كبُسط وأكسية تبلى وتتمزق وتُرمى.

ظلالاً ومن الجبال أكناناً: أي ما تستظلون به من حر الشمس، وما تسكنون به في غيران الجبال.

وسرابيل: أي قمصاناً تقيكم الحر والبرد.

وسرابيل تقيكم بأسكم: أي دروعاً تقيكم الضرب والطعان في الحرب.

لعلكم تسلمون: أي رجاء أن تسلموا له قلوبكم ووجوهكم فتعبدوه وحده.

معنى الآيات:

ما زال السياق الكريم في تقرير التوحيد والدعوة إليه وإبطال الشرك وتركه فيقول تعالى: { أَلَمْ يَرَوْاْ إِلَىٰ ٱلطَّيْرِ مُسَخَّرَٰتٍ فِي جَوِّ ٱلسَّمَآءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ ٱللَّهُ } فإن في خلق الطير على اختلاف أنواعه وكثرة أفراده، وفي طيرانه في جو السماء، أي في الهواء وكيف يقبض جناحيه وكيف يبسطها ولا يقع على الأرض فمن يمسكه غير الله بما شاء من تدبيره في خلقه وأكوانه إن في ذلك المذكور لآياتٍ عدة تدل على الخالق وقدرته وعلمه وتوجب معرفته والتقرب إليه وطاعته بعبادته وحده، كما تدل على بطلان تأليه غيره وعبادة وسواه، وكون الآيات لقوم يؤمنون هو باعتبار أنهم أحياء القلوب يدركون ويفهمون بخلاف الكافرين فإنهم أموات القلوب فلا إدراك ولا فهم لهم، فلم يكن لهم في ذلك آية.. وقوله: { وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَناً } أي موضع سكونٍ وراحة، { وَجَعَلَ لَكُمْ مِّن جُلُودِ ٱلأَنْعَامِ } الإِبل والبقر والغنم { بُيُوتاً } أي خياماً وقباباً { تَسْتَخِفُّونَهَا } أي تجدونها خفيفة المحمل { يَوْمَ ظَعْنِكُمْ } أي ارتحالكم في أسفاركم وتنقلاتكم { وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ } في مكان واحد كذلك. وقوله: { وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَآ } أي جعل لكم منه { أَثَاثاً } كالبسط الفرش والأكسية { وَمَتَاعاً } أي تتمتعون بها إلى حين بلاها وتمزقها وقوله: { وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِّمَّا خَلَقَ } من أشياء كثيرة { ظِلاَلاً } تستظلون بها من حر الشمس { وَجَعَلَ لَكُمْ مِّنَ ٱلْجِبَالِ أَكْنَاناً } تكنون فيها أنفسكم من المطر والبرد أو الحر وهي غيران وكهوف في الجبال { وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ } قمصان { تَقِيكُمُ ٱلْحَرَّ } والبرد { وَسَرَابِيلَ } هي الدروع { تَقِيكُم بَأْسَكُمْ } في الحرب تتقون بها ضرب السيوف وطعن الرماح. أليس الذي جعل لكم هذه كلها أحق بعبادتكم وطاعتكم، وهكذا { يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ } فبعث إليكم رسوله وأنزل عليكم كتابه لِيُعِدّكم للإِسلام فتسلموا. وهنا وبعد هذا البيان الواضح والتذكير البليغ يقول لرسوله { فَإِن تَوَلَّوْاْ } أي أعرضوا عما ذكرتهم به فلا تحزن ولا تأسف اذ ليس عليك هداهم { فَإِنَّمَا عَلَيْكَ ٱلْبَلاَغُ ٱلْمُبِينُ } وقد بلغت وبينت.

السابقالتالي
2