الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً عَبْداً مَّمْلُوكاً لاَّ يَقْدِرُ عَلَىٰ شَيْءٍ وَمَن رَّزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناً فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرّاً وَجَهْراً هَلْ يَسْتَوُونَ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } * { وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً رَّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَآ أَبْكَمُ لاَ يَقْدِرُ عَلَىٰ شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَىٰ مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّههُّ لاَ يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَن يَأْمُرُ بِٱلْعَدْلِ وَهُوَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } * { وَلِلَّهِ غَيْبُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَآ أَمْرُ ٱلسَّاعَةِ إِلاَّ كَلَمْحِ ٱلْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } * { وَٱللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلْسَّمْعَ وَٱلأَبْصَارَ وَٱلأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }

شرح الكلمات:

ضرب الله مثلاً: أي هو عبداً مملوكاً الخ..

عبداً مملوكاً: أي ليس بحُرٍ بل هو عبد مملوك لغيره.

هل يستوون: أي العبيد العجزة والحُر المتصرف، والجواب: لا يستوون قطعاً.

وضرب الله مثلاً: أي هو رجلين الخ..

أبكم: أي ولد أخرس وأصم لا يسمع.

لا يقدر على شيء: أي لا يَفهَمْ ولا يُفهِمْ غيره.

ولله غيب السماوات والأرض: أي ما غاب فيهما.

وما أمر الساعة: أي أمر قيامها، وذلك بإماتة الأحياء وإحيائهم مع من مات قبل وتبديل صور الأكوان كلها.

الأفئدة: أي القلوب.

معنى الآيات:

ما زال السياق في تقريرالتوحيد والدعوة إليه وإبطال الشرك والتنفير منه وقد تقدم أن الله تعالى جهل المشركين في ضرب الأمثال له وهو لا مثل له ولا نظير، وفي هذا السياق ضرب تعالى مثلين وهو العليم الخبير.. فالأول قال فيه: { ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً عَبْداً مَّمْلُوكاً } أي غير حر من أحرار الناس، { لاَّ يَقْدِرُ عَلَىٰ شَيْءٍ } إذ هو مملوك لا حق له في التصرف في مال سيده إلا بإذنه، فلذا فهو لا يقدر على إعطاء أو منع شيء، هذا طرف المثل، والثاني { وَمَن رَّزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناً } صالحاً واسعاً { فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرّاً وَجَهْراً } ليلاً ونهاراً لأنه حر التصرف بوصفه مالكاً { هَلْ يَسْتَوُونَ }؟ الجواب لا يستويان... إذاً { ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } والمثل مضروب للمؤمن والكافر، فالكافر أسير للأصنام عبدٌ لها لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً، لا يعمل في سبيل الله ولا ينفق لأنه لا يؤمن بالدار الآخرة، والجزاء فيها، وأما المؤمن فهو حرٌ يعمل بطاقة الله فينفق في سبيل الله سراً وجهراً يبتغي الآخرة والمثوبة من الله، ذا علمٍ وإرادة، لا يخاف إلا الله ولا يرجو إلا هو سبحانه وتعالى. وقوله { وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً رَّجُلَيْنِ } هو المثال الثاني في هذا السياق وقد حوته الآية الثانية [76] فقال تعالى فيه { وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً } هو { رَّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَآ أَبْكَمُ } ولفظ الأبكم قد يدل على الصمم فالغالب أن الأبكم لا يسمع { لاَ يَقْدِرُ عَلَىٰ شَيْءٍ } فلا يفهم غيره لأنه أصم ولا يُفهم غيره لأنه أبكم، { وَهُوَ كَلٌّ عَلَىٰ مَوْلاهُ } أي ابن عمه أو من يتولاه من أقربائه يقومون بإعاشته ورعايته لعجزه وضعفه وعدم قدرته على شيء. وقوله: { أَيْنَمَا يُوَجِّههُّ لاَ يَأْتِ بِخَيْرٍ } أي أينما يوجهه مولاه وابن عمه ليأتي بشيء لا يأتي بخير، وقد يأتي بشر، أمَّا النفع والخير فلا يحصل منه شيء.

وهذا مثل الأصنام التي تعبد من دون الله إذ هي لا تسمع ولا تبصر فلا تفهم ما يقال لها، ولا تُفهم عابديها شيئاً وهي محتاجة إليهم في صُنْعِها ووضعها وحملها وحمايتها.

السابقالتالي
2