الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَٱللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ فِي ٱلْرِّزْقِ فَمَا ٱلَّذِينَ فُضِّلُواْ بِرَآدِّي رِزْقِهِمْ عَلَىٰ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَآءٌ أَفَبِنِعْمَةِ ٱللَّهِ يَجْحَدُونَ } * { وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِّنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ ٱلطَّيِّبَاتِ أَفَبِٱلْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ ٱللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ } * { وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقاً مِّنَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ شَيْئاً وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ } * { فَلاَ تَضْرِبُواْ لِلَّهِ ٱلأَمْثَالَ إِنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ }

شرح الكلمات:

فضل بعضكم على بعض في الرزق: أي فمنكم الغني ومنكم الفقير، ومنكم المالك ومنكم المملوك.

برادي رزقهم على ما ملكت أيمانهم: أي بجاعلي ما رزقناهم شركة بينهم وبين مماليكهم من العبيد.

والله جعل لكم من أنفسكم أزواجاً: إذ حواء خلقت من آدم وسائر النساء من نطف الرجال.

وحفدة: أي خدماً من زوجه وولد وولد ولد وخادم وختن.

أفبالباطل يؤمنون: أي بعبادة الأصنام يؤمنون.

رزقاً من السماوات والأرض: أي بإنزال المطر من السماء، وإنبات النبات من الأرض.

معنى الآيات:

ما زال السياق العظيم في تقرير التوحيد وإبطال التنديد. فقوله تعالى: { وَٱللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ فِي ٱلْرِّزْقِ } فمنكم من أغناه ومنكم من أفقره أيها الناس، وقد يكون لأحدكم أيها الأغنياء عبيد مملوكين له، لم لا يرضى أن يشرك عبيده في أمواله حتى يكونوا فيها سواء لا فضل لأحدهما على الآخر؟ والجواب أنكم تقولون في استنكار عجيب كيف أُسوِّي مملوكي في رزقي فأصبح وإياه سواء؟ هذا لا يعقل أبداً! إذاً كيف جوزتم إشراك آلهتكم في عبادة ربكم وهي مملوكة له تعالى إذ هو خالقها وخالقكم ومالك جميعكم؟ فأين يذهب بعقولكم أيها المشركون؟ وقوله تعالى: { أَفَبِنِعْمَةِ ٱللَّهِ يَجْحَدُونَ }؟ حقاً إنهم جحدوا نعمة العقل أولاً فلم يعترفوا بها فلذا لم يفكروا بعقولهم، ثم جحدوا نعمة الله عليهم في خلقهم ورزقهم فلم يعبدوه بذكره وشكره وعبدوا غيره من أصنام وأوثان لا تملك ولا تضر ولا تنفع. هذا ما دلت عليه الآية الأولى [71] أما الآية الثانية فيقول تعالى فيها مقرراً إنعامه تعالى على المشركين بعد توبيخهم على إهمال عقولهم في الآية الأولى وكفرهم بنعم ربهم فيقول: { وَٱللَّهُ } أي وحده { جَعَلَ لَكُمْ مِّنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ ٱلطَّيِّبَاتِ } أي جعل لكم من أنفسكم أزواجاً أي بشريَّات من جنسكم تسكنون إليهن وتتفاهمون معهن وتتعاونون بحكم الجنسية الآدمية وهي نعمة عظمى، وجعل لكم من أولئك الأزواج بنين بطريق التناسل والولادة وحفدة أيضاً والمراد من الحفدة كل من يحفد أي يسرع في خدمتك وقضاء حاجتك من زوجتك وولدك وولد ولدك وختنك أي صهرك، وخادمك إذ الكل يحفدون لك أي يسارعون في خدمتك بتسخير الله تعالى لك، وثالثاً { وَرَزَقَكُم مِّنَ ٱلطَّيِّبَاتِ } أي حلال الطعام والشراب على اختلافه وتنوع مذاقه وطعمه ولذته. هذا هو الله الذي تُدعون إلى عبادته وحده فتكفرون فأصبحتم بذلك تؤمنون بالباطل وهي الأصنام وعبادتها، وتكفرون بالمنعم ونعمه ولذا استحقوا التوبيخ والتقريع فقال تعالى: { أَفَبِٱلْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ ٱللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ }؟ إذ عدم عبادتهم للمنعم عز وجل هو عين كفرانهم بنعمة الله تعالى. وقوله { وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ } أي أصناماً لا تملك لهم { رِزْقاً مِّنَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ } بإنزال المطر، { وَٱلأَرْضِ } بإنبات الزروع والثمار شيئاً ولو قَلَّ ولا يستطيعون شيئاً من ذلك لعجزهم القائم بهم لأنهم تماثيل منحوتة من حجر أو خشب وفي هذا من التنبيه لهم على خطأهم ما لا يقادر قدره.

السابقالتالي
2