الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ أَتَىٰ أَمْرُ ٱللَّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ } * { يُنَزِّلُ ٱلْمَلاۤئِكَةَ بِٱلْرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوۤاْ أَنَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ أَنَاْ فَٱتَّقُونِ } * { خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ بِٱلْحَقِّ تَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ } * { خَلَقَ ٱلإِنْسَانَ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ } * { وَٱلأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ } * { وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ } * { وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَىٰ بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُواْ بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ ٱلأَنفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ }

شرح الكلمات:

أتى أمر الله: أي دنا وقرب أمر الله بعذابكم أيها المشركون فلا تستعجلون.

ينزل الملائكة بالروح: أي بالوحي الذي به حياة الأرواح والمراد من الملائكة جبريل.

خلق الإنسان من نطفة: أي قطرة من المني.

دفء ومنافع: أي ما تستدفئون به، ومنافع من العسل واللبن واللحم والركوب.

حين تريحون: أي حين تردونها من مراحها.

وحين تسرحون: أي وحين إخراجها من مراحها إلى مسارحها أي الأماكن التي تسرح فيها.

إلا بشق الأنفس: أي بجهد الأنفس ومشقة عظيمة.

معنى الآيات:

لقد استعجل المشركون بمكة العذاب وطالبوا به غير مرة فأنزل الله تعالى قوله: { أَتَىٰ أَمْرُ ٱللَّهِ } أي بعذابكم أيها المستعجلون له. لقد دنا منكم وقرب فالنضر بن الحارث القائل:ٱللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـٰذَا هُوَ ٱلْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ أَوِ ٱئْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } [الأنفال: 32] جاءه بعد سُنيات قلائل فهلك ببدر صَبْراً، إلى جهنم، وعَذَابُ يوم القيامة لمن استعجله قد قرب وقته ولذا عبر عنه بالماضي لتحقق وقوعه وقرب مجيئه فلا معنى لاستعجاله فلذا قال الله تعالى: { فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ } وقوله { سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ } أي تنزه وتقدس عما يشركون به من الآلهة الباطلة إذ لا إله حق إلا هو: وقوله { يُنَزِّلُ ٱلْمَلاۤئِكَةَ بِٱلْرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ } أي بإرادته وإذنه { عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ }. أي ينزل جبريل عليه السلام بالوحي على من يشاء من عباده وهو محمد صلى الله عليه وسلم وقوله { أَنْ أَنْذِرُوۤاْ أَنَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ أَنَاْ فَٱتَّقُونِ } أي بأن انذروا أي خوفوا المشركين عاقبة شركهم فإن شركهم باطل سيجر عليهم عذاباً لا طاقة لهم به، لأنه لا إله إلا الله، وكل الآلهة دونه باطلة. إذاً فاتقوا الله بترك الشرك والمعاصي وإلا تعرضتم للعذاب الأليم. في هاتين الآيتين تقرير للوحي والنبوة للنبي صلى الله عليه وسلم وتقرير التوحيد أيضاً وقوله تعالى في الآيات التالية: { خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ بِٱلْحَقِّ تَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ } استدلال على وجوب التوحيد وبطلان الشرك فالذي خلق السماوات والأرض بقدرته وعلمه وحده دون ما مُعِين له ولا مساعد حُقَّ أن يعبد، لا تلك الآلهة الميتة التي لا تسمع ولا تبصر ولا تنطق { تَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ } أي تنزه وتقدس تعالى عما يشركون به من أصنام وأوثان. وقوله: { خَلَقَ ٱلإِنْسَانَ مِن نُّطْفَةٍ } أي من أضعف شيء وأحقره قطرة المني خلقه في ظلمات ثلاث وأخرجه من بطن أمه لا يعلم شيئاً حتى إذا رباه وأصبح رجلاً إذا هو خصم لله يجادل ويعاند، ويقول من يحيي العظام وهي رميم. وقوله تعالى { وَٱلأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ } فهذه مظاهر القدرة الإِلهية والعلم والحكمة والرحمة وهي الموجبة لعبادته تعالى وترك عبادة ما سواه.

السابقالتالي
2