الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ أَفَأَمِنَ ٱلَّذِينَ مَكَرُواْ ٱلسَّيِّئَاتِ أَن يَخْسِفَ ٱللَّهُ بِهِمُ ٱلأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ ٱلْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ } * { أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُم بِمُعْجِزِينَ } * { أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَىٰ تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ } * { أَوَلَمْ يَرَوْاْ إِلَىٰ مَا خَلَقَ ٱللَّهُ مِن شَيْءٍ يَتَفَيَّؤُاْ ظِلاَلُهُ عَنِ ٱلْيَمِينِ وَٱلْشَّمَآئِلِ سُجَّداً لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ } * { وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ مِن دَآبَّةٍ وَٱلْمَلاۤئِكَةُ وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ } * { يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِّن فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ }

شرح الكلمات:

مكروا السيئات: أي مكروا المكرات السيئات فالسيئات وصف للمكرات التي مكروها.

في تقلبهم: أي في البلاد مسافرين للتجارة وغيرها.

على تخوف: أي تنقص.

يتفيئوا ظلاله: أي تتميل من جهةٍ إلى جهة.

سجداً لله: أي خضعاً لله كما أراد منهم.

داخرون: أي صاغرون ذليلون.

من فوقهم: من أعلى منهم إذ هو تعالى فوق كل شيء ذاتاً وسلطاناً وقهراً.

ما يؤمرون: أي ما يأمرهم ربهم تعالى به.

معنى الآيات:

ما زال السياق في تخويف المشركين وتذكيرهم لعلهم يرجعون بالتوبة من الشرك والجحود للنبوة والبعث والجزاء. قال تعالى: { أَفَأَمِنَ ٱلَّذِينَ مَكَرُواْ } المكرات { ٱلسَّيِّئَاتِ } من محاولة قتل النبي صلى الله عليه وسلم والشرك والتكذيب بالنبوة والبعث وظلم المؤمنين وتعذيب بعضهم، أفامنوا { أَن يَخْسِفَ ٱللَّهُ بِهِمُ ٱلأَرْضَ } من تحتهم فيقرون في أعماقها، { أَوْ يَأْتِيَهُمُ ٱلْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ } ولا يتوقعون من ريح عاصف تعصف بهم أو وباء يشملهم أو قحط يذهب بمالهم. وقوله تعالى: { أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ } أي في تجارتهم وأسفارهم ذاهبين آيبين من بلدٍ إلى بلد. { فَمَا هُم بِمُعْجِزِينَ } له تعالى لو أراد أخذهم وإهلاكهم. وقوله تعالى: { أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَىٰ تَخَوُّفٍ } أي تنقص بأن يهلكهم واحداً بعد واحد أو جماعة بعد جماعة حتى لا يبقى منهم أحداً، وقد أخذ منهم ببدر من أخذ وفي أحد. وقوله تعالى: { فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ } تذكير لهم برأفته ورحمته إذ لولاهما لأنزل بهم نقمته وأذاقهم عذابه بدون إنظار لتوبةٍ أو إمهال لرجوع إلى الحق. وقوله تعالى: { أَوَلَمْ يَرَوْاْ إِلَىٰ مَا خَلَقَ ٱللَّهُ مِن شَيْءٍ } من شجرٍ وجبل وإنسانٍ وحيوان { يَتَفَيَّؤُاْ ظِلاَلُهُ } بالصباح والمساء { عَنِ ٱلْيَمِينِ وَٱلْشَّمَآئِلِ } " جمع شمال " { سُجَّداً لِلَّهِ } خضعاً بظلالهم { وَهُمْ دَاخِرُونَ } أي صاغرون ذليلون. أما يكفيهم ذلك دلالةً على خضوعهم لله وذلتهم بين يديه، فيؤمنوا به ويعبدونه ويوحدوه فينجوا من عذابه ويفوزوا برحمته. وقوله تعالى: { وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ مِن دَآبَّةٍ } أي ولله لا لغيره يسجد بمعنى يخضع وينقاد لما يريده الله تعالى من إحياء أو إماتة أو صحة أو مرض أو خير أو غيره من دابةٍ من كل ما يدب من كائن على هذه الأرض { وَٱلْمَلاۤئِكَةُ } على شرفهم يسجدون { وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ } عن عبادة ربهم { يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِّن فَوْقِهِمْ } إذ هو العلي الأعلى وكل الخلق تحته. { وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ } فلا يعصون ربهم ما أمرهم. إذا كان هذا حال الملائكة فما بال هؤلاء المشركين يلجون في الفساد والاستكبار والجحود والمكابرة وهم أحقر سائر المخلوقات، وشر البريات إن بقوا على كفرهم وشركهم.

هداية الآيات

من هداية الآيات:

1- حرمة الأمن من مكر الله.

2- كل شيء ساجد لله، أي خاضع لما يريده منهم، إلا أن السجود الطوعي الاختياري هو الذي يثاب عليه العبد، أما الطاعة اللا إرادية فلا ثواب فيها ولا عقاب.

3- فضل السجود الطوعي الاختياري.

4- مشروعية السجود عند هذه الآية: إذا قرأ القارئ أو المستمع: { يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِّن فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ } ، عليه أن يسجد إن كان متطهراً إلى القبلة إن أمكن ويسبح في السجود ويكبر في الخفض والرفع ولا يسلم، ولا يسجد عند طلوع الشمس ولا عند غروبها.