شرح الكلمات: وجاء أهل المدينة يستبشرون: أي مدينة سدُوم، أي فرحين بإتيانهم الفاحشة. واتقوا الله ولا تخزون: أي لا تذلوني في انتهاك حرمة ضيفي. أولم ننهك عن العالمين: أي عن إجارتك لهم واستضافتك. لفي سكرتهم يعمهون: أي غوايتهم، وشدة غُلْمتهم التي أزالت عقولهم، يترددون. مشرقين: أي وقت شروق الشمس. من سجيل: أي طين طُبِخَ بالنار. لآيات للمتوسمين: أي الناظرين المعتبرين. لبسبيل مقيم: أي طريق قريش إلى الشام مقيم دائم ثابت. أصحاب الأيكة: أي قوم شعيب عليه السلام، والأيكة غيضة شجر بقرب مدين. وإنهما لبإمام مبين: أي قوم لوط، وأصحاب الأيكة لبطريق مبين واضح. معنى الآيات: ما زال السياق مع لوط عليه السلام وضيفه من الملائكة من جهة، وقوم لوط من جهة، قال تعالى: { وَجَآءَ أَهْلُ ٱلْمَدِينَةِ } أي مدينة سدُوم وأهلها سكانها من اللوطيين، وقوله { يَسْتَبْشِرُونَ } أي فرحين مسرورين لطمعهم في إتيان الفاحشة، فقال لهم لوط ما أخبر الله تعالى به: { قَالَ إِنَّ هَؤُلآءِ } يشير إلى الملائكة { ضَيْفِي فَلاَ تَفْضَحُونِ } أي فيه أي بطلبكم الفاحشة، { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } أي خافوه { وَلاَ تُخْزُونِ } أي تهينوني وتذلوني. فأجابوا بما أخبر تعالى به عنهم: { قَالُواْ أَوَ لَمْ نَنْهَكَ عَنِ ٱلْعَالَمِينَ } أي أتقول ما تقول ولم تذكر أنا نهيناك عن استضافة أحد من الناس أو تجيره، فأجابهم لوط عليه السلام بما أخبر تعالى به عنه: { قَالَ هَؤُلآءِ بَنَاتِي إِن كُنْتُمْ فَاعِلِينَ } أي هؤلاء بناتي فتزوجوهن إن كنتم فاعلين ما آمركم به أو أرشدكم إليه. وقوله تعالى: { لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ } أي وحياتك يا رسولنا، إنهم أي قوم لوط { لَفِي سَكْرَتِهِمْ } غوايتهم التي أذهبت عقولهم فهبطوا إلى درك أسفل من درك الحيوان، { يَعْمَهُونَ } أي حيارى يترددون، { فَأَخَذَتْهُمُ ٱلصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ } أي صيحة جبريل عليه السلام مشرقين مع إشراق الشمس. وقوله تعالى { وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ } فوق ذلك { حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ } أي من طين مطبوخ بالنار.. وقوله تعالى: { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ } أي إن في ذلك المذكور من تدمير مدن كاملة بما فيها لآيات وعبر وعظات للمتوسمين أي الناظرين نظر تفكر وتأمل لمعرفة الأشياء بسماتها وعلاماتها. وقوله تعالى: { وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُّقِيمٍ } أي وإن تلك القرى الهالكة لبطريق ثابت باق يمر به أهل مكة في أسفارهم إلى الشام. وقوله: { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ } أي لعبرة للمؤمنين فلا يقدمون على محارم الله، ولا يرتكبون معاصيه. وقوله تعالى: { وَإِن كَانَ أَصْحَابُ ٱلأَيْكَةِ لَظَالِمِينَ }. هذه إشارة خاطفة إلى قصة شعيب عليه السلام مع قومه أصحاب الأيكة، والأيكة الفيضة من الشجر الملتف.. وكانت منازلهم بها وكانوا مشركين وهو الظلم في قوله { وَإِن كَانَ أَصْحَابُ ٱلأَيْكَةِ لَظَالِمِينَ } لأنفسهم بعبادة غير الله تعالى، وقوله تعالى: { فَٱنتَقَمْنَا مِنْهُمْ } أي أهلكناهم بحر شديد يوم الظله وسيأتي الحديث عنهم في سورة الشعراء قال تعالى هناك فأخذهم عذاب يوم الظله إنه كان عذاب يوم عظيم.