شرح الكلمات: وإذ قال موسى: أي اذكر إذ قال موسى. يسومونكم: يذيقونكم. ويستحيون نساءكم: أي يستبقونهنَّ. بلاء من ربكم عظيم: أي ابتلاء واختبار، ويكون الخير والشر. وإذ تأذن ربكم: أي أعلم ربكم. بالبينات: بالحجج الواضحة على صدقهم في دعوة النبوة والتوحيد والبعث الاخر. فردوا أيديهم في أفواههم: أي فرد الأمم أيديهم في أفواههم أي أشاروا إليهم أن اسكتوا. مريب: موقع في الريبة. معنى الآيات: { وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ } أي اذكر يا رسولنا إذ قال موسى لقومه من بني إسرائيل { ٱذْكُرُواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ } أي لتشكروها بتوحيده وطاعته، فإن من ذكر شكر وبين لهم نوع النعمة وهي إنجاؤهم من فرعون وملائه إذ كانوا يعذبونهم بالاضطهاد والاستعباد، فقال: { يَسُومُونَكُمْ سُوۤءَ ٱلْعَذَابِ } أي يذيقونكم سوء العذاب وهو أسوأه وأشده، { وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَآءَكُمْ } أي الأطفال المولودين، لأن الكهنة أو رجال السياسة قالوا لفرعون: لا يبعد أن يسقط عرشك وتزول دولتك على أيدي رجل من بني إسرائيل فأمر بقتل المواليد فور ولادتهم فيقتلون الذكور ويستبقون الإِناث للخدمة ولعدم الخوف منهن وهو معنى قوله: { وَيَسْتَحْيُونَ نِسَآءَكُمْ } وقوله تعالى: { وَفِي ذٰلِكُمْ بَلاۤءٌ مِّن رَّبَّكُمْ عَظِيمٌ } فهو بالنظر إلى كونه عذابا بلاء بالشر، وفي كونه نجاة منه، بلاء بالخير، وقوله تعالى: { وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ } هذا من قول موسى لبني إسرائيل أي أذكر لهم إذ أعلم ربكم مقسماً لكم { لَئِن شَكَرْتُمْ } نعمي بعبادتي وتوحيدي فيها وطاعتي وطاعة رسولي بامتثال الأوامر واجتناب النواهي { لأَزِيدَنَّكُمْ } في الإِنعام والإِسعاد { وَلَئِن كَفَرْتُمْ } فلم تشكروا نعمي فعصيتموني وعصيتم رسولي أي لأسلبنها منكم وأعذبكم بسلبها من أيديكم { إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ } فاحذروه واخشوني فيه، وقوله تعالى: { وَقَالَ مُوسَىۤ } أي لبني إسرائيل { إِن تَكْفُرُوۤاْ أَنتُمْ } نعم الله فلم تشكروها بطاعته { وَمَن فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً } وكفرها من في الأرض جميعاً { فَإِنَّ ٱللَّهَ لَغَنِيٌّ } عن سائر خلقه لا يفتقر إلى أحد منهم { حَمِيدٌ } أي محمود بنعمه على سائر خلقه، وقوله: { أَلَمْ يَأْتِكُمْ } هذا قول موسى لقومه وهو يعظهم ويذكرهم: { أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَٱلَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ لاَ يَعْلَمُهُمْ } أي لا يعلم عددهم ولا يحصيهم { إِلاَّ ٱللَّهُ جَآءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِٱلْبَيِّنَـٰتِ } أي بالحجج والبراهين على صدق دعوتهم وما جاء به من الدين الحق ليعبد الله وحده ويطاع وتطاع رسله فيكمل الناس بذلك ويسعدوا، وقوله: { فَرَدُّوۤاْ أَيْدِيَهُمْ } أي ردت الأمم المرسل إليهم أيديهم إلى أفواههم تغيظاً على أنبيائهم وحنقاً، أو أشاروا إليهم بالسكوت فأسكتوهم رداً لدعوة الحق التي جاؤوا بها، وقالوا لهم: { إِنَّا كَفَرْنَا بِمَآ أُرْسِلْتُمْ بِهِ } أي بما جئتهم به من الدين الإِسلامي والدعوة إليه، { وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَنَآ إِلَيْهِ مُرِيبٍ } أي موقع في الريبة التي هي قلق النفس واضطرابها لعدم سكونها للخبر الذي يلقى إليها، هذا وما زال السياق طويلاً وينتهي بقوله تعالى:{ وَٱسْتَفْتَحُواْ وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ } [إبراهيم: 15]. هداية الآيات: من هداية الآيات: 1- مشروعية التذكير بنعم الله لنشكر ولا نكفر. 2- وعد الله تعالى بالمزيد من النعم لمن شكر نعم الله عليه. 3- كفر النعم سبب زوالها. 4- بيان غنى الله تعالى المطلق على سائر خلقه فالناس أن شكروا شكروا لأنفسهم وإن كفروا كفروا على أنفسهم أي شكرهم ككفرهم عائد على أنفسهم. 5- التذكير بقصص السابقين وأحوال الغابرين مشروع وفيه فوائد عظيمة.