الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ ٱلظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ ٱلأَبْصَارُ } * { مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَآءٌ } * { وَأَنذِرِ ٱلنَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ ٱلْعَذَابُ فَيَقُولُ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ رَبَّنَآ أَخِّرْنَآ إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ نُّجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ ٱلرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوۤاْ أَقْسَمْتُمْ مِّن قَبْلُ مَا لَكُمْ مِّن زَوَالٍ } * { وَسَكَنتُمْ فِي مَسَـٰكِنِ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ أَنفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ ٱلأَمْثَالَ } * { وَقَدْ مَكَرُواْ مَكْرَهُمْ وَعِندَ ٱللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ ٱلْجِبَالُ }

شرح الكلمات:

عما يعمل الظالمون: أي المشركون من أهل مكة وغيرهم.

ليوم تشخص فيه الأبصار: أي تنفتح فلا تغمض لشدة ما ترى من الأهوال.

مهطعين مقنعي رؤوسهم: أي مسرعين إلى الداعي الذي دعاهم إلى الحشر، رافعي رؤوسهم.

وأفئدتهم هواء: أي فارغة من العقل لشدة الخوف والفزع.

نجب دعوتك: أي على لسان رسولك فنعبدك ونوحدك ونتبع الرسل.

ما لكم من زوال: أي عن الدنيا إلى الآخرة.

وقد مكروا مكرهم: أي مكرت قريش بالنبي صلى الله عليه وسلم حيث أرادوا قتله أو حبسه أو نفيه.

وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال: أي لم يكن مكرهم بالذي تزول منه الجبال فإنه تافه لا قيمة له فلا تعبأ به ولا تلتفت إليه.

معنى الآيات:

في هذا السياق الكريم تقوية رسول الله صلى الله عليه وسلم وحمله على الصبر ليواصل دعوته إلى ربه إلى أن ينصرها الله تعالى وتبلغ المدى المحدد لها والأيام كانت صعبة على رسول الله وأصحابه لتكالب المشركين على أذاهم، وازدياد ظلمهم لهم فقال تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم: { وَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ ٱلظَّالِمُونَ } من قومك إنه إن لم ينزل بهم نقمته ولم يحل بهم عذابه إنما يريد أن يؤخرهم { لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ ٱلأَبْصَارُ } أي تنفتح فلا تغمض ولا تطرف لشدة الأهوال وصعوبة الأحوال، { مُهْطِعِينَ } أي مسرعين { مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ } أي حال كونهم مهطعين مقنعي رؤوسهم أي رافعين رؤوسهم مسرعين للداعي الذي دعاهم إلى المحشر، قال تعالى:وَٱسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ ٱلْمُنَادِ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ } [ق: 41] { لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ } أي لا تغمض أعينهم من الخوف { وَأَفْئِدَتُهُمْ } أي قلوبهم { هَوَآءٌ } أي فارغة من الوعي والإدراك لما أصابها من الفزع والخوف ثم أمر تعالى رسوله في الآية [44] بإنذار الناس مخوفاً لهم من عاقبة أمرهم إذا استمروا على الشرك بالله والكفر برسوله وشرعه، { يَوْمَ يَأْتِيهِمُ ٱلْعَذَابُ فَيَقُولُ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ } أي أشركوا بربهم، وآذوا عباده المؤمنين { رَبَّنَآ أَخِّرْنَآ إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ } أي يطلبون الإِنظار والإِمهال { نُّجِبْ دَعْوَتَكَ } أي نوحدك ونطيعك ونطيع رسولك، فيقال لهم: توبيخاً وتقريعاً وتكذيباً لهم: { أَوَلَمْ تَكُونُوۤاْ أَقْسَمْتُمْ } أي حلفتم { مِّن قَبْلُ مَا لَكُمْ مِّن زَوَالٍ } أي أطلبتم الآن التأخير ولم تطلبوه عندما قلتم ما لنا من زوال ولا ارتحال من الدنيا إلى الآخرة، { وَسَكَنتُمْ فِي مَسَـٰكِنِ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ أَنفُسَهُمْ } بالشرك والمعاصي { وَتَبَيَّنَ لَكُمْ } أي عرفتم { كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ } أي بإهلاكنا لهم وضربنا لكم الأمثال في كتبنا وعلى ألسنة رسلنا فيوبخون هذا التوبيخ ولا يجابون لطلبهم ويقذفون في الجحيم، وقوله تعالى: { وَقَدْ مَكَرُواْ مَكْرَهُمْ } أي وقد مكر كفار قريش برسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قرروا حبسه مغللاً في السجن حتى الموت أو قتله، أو نفيه وعزموا على القتل ولم يستطيعوه { وَعِندَ ٱللَّهِ مَكْرُهُمْ } أي علمه ما أرادوا به، وجزاؤهم عليه، وقوله: { وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ ٱلْجِبَالُ } أي ولم يكن مكرهم لتزول منه الجبال فإنه تافه لا وزن له ولا اعتبار فلا تحفل به أيها الرسول ولا تلتفت، فإنه لا يحدث منه شيء، وفعلاً قد خابوا فيه أشد الخيبة.

السابقالتالي
2