الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ قُل لِّعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ يُقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ وَيُنْفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خِلاَلٌ } * { ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ ٱلثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي ٱلْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلأَنْهَارَ } * { وَسَخَّر لَكُمُ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ دَآئِبَينَ وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلَّيلَ وَٱلنَّهَارَ } * { وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ ٱلإنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ }

شرح الكلمات:

لا بيع فيه ولا خلال: هذا يوم القيامة لا بيع فيه ولا فداء ولا مخالة تنفع ولا صداقة.

الفلك: أي السفن فلفظ الفلك دال على متعدد ويذكَّر ويؤنث.

دائبين: جاريين في فلكهما لا يفتران أبداً حتى نهاية الحياة الدنيا.

لظلوم كفار: كثير الظلم لنفسه ولغيره، كفار عظيم الكفر هذا ما لم يؤمن ويهتد فإن آمن واهتدى سلب هذا الوصف منه.

معنى الآيات:

لما أمر الله تعالى رسوله أن يقول لأولئك الذين بدلوا نعمة الله كفراًقُلْ تَمَتَّعُواْ فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى ٱلنَّارِ } [إبراهيم: 30] أمر رسوله أيضاً أن يقول للمؤمنين.. يقيموا الصلاة وينفقوا من أموالهم سراً وعلانية ليتقوا بذلك عذاب يوم القيامة الذي توعد به الكافرون فقال: { قُل لِّعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ يُقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ } أي يؤدوها على الوجه الذي شرعت عليه فيتموا ركوعها وسجودها ويؤدوها في أوقاتها المعينة لها وفي جماعة وعلى طهارة كاملة مستقبلين بها القبلة حتى تثمر لهم زكاة أنفسهم وطهارة أرواحهم { وَيُنْفِقُواْ } ويوالوا الإِنفاق في كل الأحيان { سِرّاً وَعَلانِيَةً } ، { مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ } وهو يوم القيامة { لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خِلاَلٌ } لا شراء فيحصل المرء على ما يفدي به نفسه من طريق البيع، ولا خلة أي صداقة تنفعه ولا شفاعة إلا بإذن الله تعالى.

وقوله تعالى { ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ } أي أنشأهما وابتدأ خلقهما { وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً } هو ماء الأمطار { فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ ٱلثَّمَرَاتِ } والحبوب { رِزْقاً لَّكُمْ } تعيشون به وتتم حياتكم عليه { وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلْفُلْكَ } أي السفن { لِتَجْرِيَ فِي ٱلْبَحْرِ بِأَمْرِهِ } أي بإذنه وتسخيره تحملون عليها البضائع والسلع من إقليم إلى إقليم وتركبونها كذلك { وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلأَنْهَارَ } الجارية بالمياه العذبة لتشربوا وتسقوا مزارعكم وحقولكم { وَسَخَّر لَكُمُ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ دَآئِبَينَ } لا يفتران أبداً في جريهما وتنقلهما في بروجهما لمنافعكم التي لا تتم إلا على ضوء الشمس وحرارتها ونور القمر وتنقله في منازله { وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلَّيلَ وَٱلنَّهَارَ } الليل لتسكنوا فيه وتستريحوا والنهار لتعملوا فيه وتكسبوا أرزاقكم { وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ } مما أنتم في حاجة إليه لقوام حياتكم، هذا هو الله المستحق لعبادتكم رغبة فيه ورهبة منه، هذا هو المعبود الحق الذي يجب أن يعبد وحده لا شريك له وليس تلك الأصنام والأوثان التي تعبدونها وتدعون إلى عبادتها حتى حملكم ذلك على الكفر والعناد بل والظلم والشر والفساد.

وقوله تعالى { وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا } أي بعد أن عدد الكثير من نعمه أخبر أنه لا يمكن للإِنسان أن يعد نعم الله عليه ولا أن يحصيها عداً بحال من الأحوال، وقرر حقيقة في آخر هذه الموعظة والذكرى وهي أن الإِنسان إذا حُرم الإِيمان والهداية الربانية { لَظَلُومٌ } أي كثير الظلم كفور كثير الكفر عظيمه، والعياذ بالله تعالى من ذلك.

هداية الآيات

من هداية الآيات:

1- وجوب إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والإِكثار من الصدقات لاتقاء عذاب النار.

2- جواز صدقة العلن كصدقة السر وإن كانت الأخيرة أفضل.

3- التعريف بالله عز وجل إذ معرفة الله تعالى هي التي تثمر الخشية منه تعالى.

4- وجوب عبادة الله تعالى وبطلان عبادة غيره.

5- وصف الإِنسان بالظلم والكفر وشدتهما ما لم يؤمن ويستقيم على منهج الإِسلام.