شرح الكلمات: وبرزوا لله جميعاً: أي برزت الخلائق كلها لله وذلك يوم القيامة. إنا كنا لكم تبعاً: أي تابعين لكم فيما تعتقدون وتعملون. فهل أنتم مغنون عنا: أي دافعون عنا بعض العذاب. ما لنا من محيص: أي من ملجأ ومهرب أو منجا. لما قضي الأمر: بإدخال أهل الجنة الجنة وأهل النار النار. ما أنا بمصرخكم: أي بمغيثكم مما أنتم فيه من العذاب والكرب. تجري من تحتها الأنهار: أي من تحت قصورها وأشجارها الأنهار الأربعة: الماء واللبن والخمر والعسل. معنى الآيات: في هذه الآيات عرض سريع للموقف وما بعده من استقرار أهل النار في النار وأهل الجنة في الجنة يقرر مبدأ الوحي والتوحيد والبعث الآخر بأدلة لا ترد، قال تعالى: { وَبَرَزُواْ لِلَّهِ جَمِيعاً } أي خرجت البشرية من قبورها مؤمنوها وكافروها صالحوها وفاسدوها { فَقَالَ ٱلضُّعَفَاءُ } أي الأتباع { لِلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُوۤاْ } أي الرؤساء والموجهون للناس بما لديهم من قوة وسلطان { إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا } أي أتباعاً في عقائدكم وما تدينون به، { فَهَلْ أَنتُمْ مُّغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ ٱللَّهِ مِن شَيْءٍ }؟ أي فهل يمكنكم أن ترفعوا عنا بعض العذاب بحكم تبعيتنا لكم فأجابوهم بما أخبر تعالى به عنهم: { قَالُواْ لَوْ هَدَانَا ٱللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ } اعترفوا الآن أن الهداية بيد الله وأقروا بذلك، ولكنا ضللنا فأضللناكم { سَوَآءٌ عَلَيْنَآ أَجَزِعْنَآ } اليوم { أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ } أي من مخرج من هذا العذاب ولا مهرب، وهنا يقوم إبليس خطيبا فيهم بما أخبر تعالى عنه بقوله: { وَقَالَ ٱلشَّيْطَانُ } أي إبليس عدو بني آدم { لَمَّا قُضِيَ ٱلأَمْرُ } بأن أُدخل أهل الجنة الجنة وأدخل أهل النار النار { إِنَّ ٱللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ ٱلْحَقِّ } بأن من آمن وعمل صالحاً مبتعدا عن الشرك والمعاصي أدخله جنته وأكرمه في جواره، وأن من كفر وأشرك وعصى أدخله النار وعذبه عذاب الهون في دار البوار { وَوَعَدتُّكُمْ } بأن وعد الله ووعيده ليس بحق ولا واقع { فَأَخْلَفْتُكُمْ } فيما وعدتكم به، وكنت في ذلك كاذباً عليكم مغرراً بكم، { وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِّن سُلْطَانٍ } أي من قوة مادية أكرهتكم على اتباعي ولا معنوية ذات تأثير خارق للعادة أجبرتكم بها على قبول دعوتي { إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ } أي لكن دعوتكم { فَٱسْتَجَبْتُمْ لِي } إذاً { فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُوۤاْ أَنفُسَكُمْ مَّآ أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ } أي بمزيل صراخكم بما أغيثكم به من نصر وخلاص من هذا العذاب { وَمَآ أَنتُمْ } أيضاً { بِمُصْرِخِيَّ } ، أي بمغيثيَّ { إِنِّي كَفَرْتُ بِمَآ أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ } إذ كل عابد لغير الله في الواقع هو عابد للشيطان إذ هو الذي زين له ذلك ودعاه إليه، و { إِنَّ ٱلظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } أي المشركين لهم عذاب أليم موجع، وقوله تعالى: { وَأُدْخِلَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } أي وأدخل الله الذين آمنوا أي صدَّقوا بالله وبرسوله وبما جاء به رسوله { وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } وهي العبادات التي تَعَبَّدَ الله بها عباده فشرعها في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم { جَنَّاتٍ } بساتين { تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ } أي من خلال قصورها وأشجارها أنهار الماء واللبن والخمر والعسل { خَالِدِينَ فِيهَا } لا يخرجون منها ولا يبغون عنها حولاً، وقوله تعالى: { بِإِذْنِ رَبِّهِمْ } أي أن ربهم هو الذي أذن لهم بدخولها والبقاء فيها أبداً، وقوله: { تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ } أي السلام عليكم يحييهم ربهم وتحييهم الملائكة ويحيي بعضهم بعضاً بالسلام وهي كلمة دعاء بالسلامة من كل العاهات والمنغصات وتحية بطلب الحياة الأبدية.