الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي ٱللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَىۤ أَجَلٍ مُّسَـمًّـى قَالُوۤاْ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا تُرِيدُونَ أَن تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَآؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ } * { قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِن نَّحْنُ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يَمُنُّ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَآ أَن نَّأْتِيَكُمْ بِسُلْطَانٍ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَعلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ } * { وَمَا لَنَآ أَلاَّ نَتَوَكَّلَ عَلَى ٱللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَىٰ مَآ آذَيْتُمُونَا وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُتَوَكِّلُونَ } * { وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّـكُمْ مِّنْ أَرْضِنَآ أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَىٰ إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ ٱلظَّالِمِينَ } * { وَلَنُسْكِنَنَّـكُمُ ٱلأَرْضَ مِن بَعْدِهِمْ ذٰلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ }

شرح الكلمات:

أفي الله شك: أي لا شك في وجود الله ولا في توحيده، إذ الاستفهام إنكاري.

إلى أجل مسمى: أي إلى أجل الموت.

بسلطان مبين: بحجة ظاهرة تدل على صدقكم.

يمن على من يشاء: أي بالنبوة والرسالة على من يشاء لذلك.

وقد هدانا سبلنا: أي طرقه التي عرفناه بها وعرفنا عظيم قدرته وعز سلطانه.

لنخرجنكم من أرضنا: أي من ديارنا أو لتعودون في ديننا.

لمن خاف مقامي: أي وقوفه بين يدي يوم القيامة للحساب والجزاء.

معنى الآيات:

ما زال السياق في ما ذكر به موسى قومه بقوله:أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ... } [إبراهيم: 9] فقوله تعالى: { قَالَتْ رُسُلُهُمْ } أي قالت الرسل إلى أولئك الأمم الكافرة { أَفِي ٱللَّهِ شَكٌّ }؟ أي كيف يكون في توحيد الله شك وهو فاطر السماوات والأرض، فخالق السماوات والأرض وحده لا يعقل أن يكون له شريك في عبادته، أنه لا إله إلا هو وقوله: { يَدْعُوكُمْ } إلى الإِيمان والعمل الصالح الخالي من الشرك { لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِّن ذُنُوبِكُمْ } وهو كل ذنب بينكم وبين ربكم من كبائر الذنوب وصغائرها أما مظالم الناس فردوها إليهم تغفر لكم وقوله: { وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَىۤ أَجَلٍ مُّسَـمًّـى } أي يؤخر العذاب عنكم لتموتوا بآجالكم المقدرة لكم، وقوله: { قَالُوۤاْ } أي قالت الأمم الكافرة لرسلهم { إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا } أي ما أنتم إلا بشر مثلنا، { تُرِيدُونَ أَن تَصُدُّونَا } أي تصرفونا { عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَآؤُنَا } من آلهتنا أي أصنامهم وأوثانهم التي يدَّعون أنها آلهة، وقولهم: { فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ } قال الكافرون للرسل ائتونا بسلطان مبين أي بحجة ظاهرة تدل على صدقكم أنكم رسل الله إلينا فأجابت الرسل قائلة ما أخبر تعالى به عنهم بقوله: { قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِن نَّحْنُ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ } أي ما نحن إلا بشر مثلكم فما لا تستطيعونه أنتم لا نستطيعه نحن { وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يَمُنُّ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ } أي إلا أن الله يمن على من يشاء بالنبوة فمن علينا بها فنحن ننبئكم بما أمرنا الله ربنا وربكم أن ننبئكم به كما نأمركم وندعوكم لا من تلقاء أنفسنا ولكن بما أمرنا أن نأمركم به وندعوكم إليه، { وَمَا كَانَ لَنَآ أَن نَّأْتِيَكُمْ بِسُلْطَانٍ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ } أي بإرادته وقدرته فهو ذو الإِرادة التي لا تحد والقدرة التي لا يعجزها شيء ولذا توكلنا عليه وحده وعليه { فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ } فإنه يكفيهم كل ما يهمهم، ثم قالت الرسل وهي تعظ اقوامها بما تقدم: { وَمَا لَنَآ أَلاَّ نَتَوَكَّلَ عَلَى ٱللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا } أي طرقنا التي عرفناه بها وعرفنا عظمته وعزة سلطانه فأي شيء يجعلنا لا نتوكل عليه وهو القوي العزيز { وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَىٰ مَآ آذَيْتُمُونَا } بألسنتكم وأيديكم متوكلين على الله حتى ينتقم الله تعالى لنا منكم، { وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُتَوَكِّلُونَ } إذ هو الكافل لكل من يثق فيه ويفوض أمره إليه متوكلاً عليه وحده دون سواه، وقوله تعالى: { وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّـكُمْ مِّنْ أَرْضِنَآ أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا } هذا إخبار منه تعالى على ما قالت الأمم الكافرة لرسلها: قالوا موعدين مهددين بالنفي والإِبعاد من البلاد لكل من يرغب عن دينهم ويعبد غير آلهتهم: { لَنُخْرِجَنَّـكُمْ مِّنْ أَرْضِنَآ أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا } أي ديننا الذي نحن عليه وهذا أوحى الله تعالى إلى رسله بما أخبر تعالى به: { فَأَوْحَىٰ إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ ٱلظَّالِمِينَ وَلَنُسْكِنَنَّـكُمُ ٱلأَرْضَ مِن بَعْدِهِمْ } قال لنهلكن الظالمين ولم يقل لنهلكنهم إشارة إلى علة الهلاك وهي الظلم الذي هو الشرك والإِفساد ليكون ذلك عظة للعالمين، وقوله تعالى: { ذٰلِكَ } أي الإِنجاء للمؤمنين والإِهلاك للظالمين جزاءً { لِمَنْ خَافَ مَقَامِي } أي الوقوف بين يدي يوم القيامة { وَخَافَ وَعِيدِ } على ألسنة رسلي بالعذاب لمن كفر بي وأشرك في عبادتي ومات على غير توبة إليَّ من كفره وشركه وظلمه.

السابقالتالي
2