الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمِنَ ٱلأَحْزَابِ مَن يُنكِرُ بَعْضَهُ قُلْ إِنَّمَآ أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ ٱللَّهَ وَلاۤ أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآبِ } * { وَكَذٰلِكَ أَنزَلْنَاهُ حُكْماً عَرَبِيّاً وَلَئِنِ ٱتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ مَا جَآءَكَ مِنَ ٱلْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ ٱللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ وَاقٍ } * { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّةً وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ } * { يَمْحُواْ ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ ٱلْكِتَابِ }

شرح الكلمات:

والذين آتيناهم الكتاب: أي كعبد بن سلام ومن آمن من اليهود.

يفرحون بما أنزل إليك: أي يُسَرون به لأنهم مؤمنون صادقون ولأنه موافق لما عندهم.

ومن الأحزاب: أي من اليهود والمشركين.

من ينكر بعضه: أي بعض القرآن فالمشركون أنكروا لفظ الرحمن وقالوا لا رحمن إلا رحمن اليمامة يعنون مسيلمة الكذاب.

وكذلك أنزلناه حكماً عربياً: أي بلسان العرب لتحكم به بينهم.

لكل أجل كتاب: أي لكل مدة كتاب كتبت فيه المدة المحددة.

يمحو الله ما يشاء: أي يمحو من الأحكام وغيرها ويثبت ما يشاء فما محاه هو المنسوخ وما أبقاه هو المحكم.

معنى الآيات:

ما زال السياق في تقرير أصول العقيدة: التوحيد والنبوة والبعث والجزاء، فقوله تعالى: { وَٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ } كعبدالله بن سلام يفرحون بما أنزل إليك وهو القرآن وفي هذا تقرير للوحي وإثبات له، وقوله { وَمِنَ ٱلأَحْزَابِ } ككفار اهل الكتاب والمشركين { مَن يُنكِرُ بَعْضَهُ } فاليهود أنكروا أغلب ما في القرآن من الأحكام ولم يصدقوا إلا بالقصص، والمشركون أنكروا " الرحمن " وقالوا لا رحمن إلا رحمان اليمامة يعنون مسيلمة الكذاب عليه لعائن الله، وقوله تعالى: { قُلْ إِنَّمَآ أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ ٱللَّهَ وَلاۤ أُشْرِكَ بِهِ } أي أمرني ربي أن أعبده ولا أشرك به، إليه تعالى أدعو الناس أي إلى الإِيمان به وإلى توحيده وطاعته، { وَإِلَيْهِ مَآبِ } أي رجوعي وإيابي وفي هذا تقرير للتوحيد، وقوله تعالى: { وَكَذٰلِكَ أَنزَلْنَاهُ حُكْماً عَرَبِيّاً } أي وكهذا الإِنزال للقرآن أنزلناه بلسان العرب لتحكم بينهم به، وفي هذا تقرير للوحي الإِلهي والنبوة المحمدية، وقوله: { وَلَئِنِ ٱتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ مَا جَآءَكَ مِنَ ٱلْعِلْمِ } بأن وافقتهم على مِلَلِهم وباطلهم في اعتقادهم، وحاشا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفعل وإنما الخطاب من باب... إياك أعني واسمعي يا جارة... { مَا لَكَ مِنَ ٱللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ وَاقٍ } أي ليس لك من دون الله من ولي يتولى أمر نصرك وحفظك، ولا واق يقيك عذاب الله إذا اراده بك لاتباعك أهل الباطل وتركك الحق وأهله، وقوله تعالى: { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّةً } فلا معنى لما يقوله المبطلون: لم يتخذ محمد أزواجاً ولم تكون له ذرية؟ وهو يقول أنه نبي الله ورسوله، فإن الرسل قبلك من نوح وإبراهيم إلى موسى وداوود وسليمان الكل كان لهم أزواج وذرية، ولما قالوالَوْلاۤ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ } [الرعد: 7، 27] رد الله تعالى عليهم بقوله: { وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ } فالرسل كلهم مربوبون لله مقهورون لا يملكون مع الله شيئاًَ فهو المالك المتصرف ان شاء أعطاهم وإن شاء منعهم، وقوله: { لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ } أي لكل وقت محدد يعطي الله تعالى فيه أو يمنع كتاب كتب فيه ذلك الأجل وعُيِّن فلا فوضى ولا أُنُفَ، وقوله: { يَمْحُواْ ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ ٱلْكِتَابِ } ردٌ على قولهم لم يثبت الشيء ثم يبطله كاستقبال بيت المقدس ثم الكعبة وكالعدة من الحول إلى أربعة أشهر وعشرة أيام فأعلمهم أن الله تعالى ذو إرادة ومشيئة لا تخضعان لإِرادة الناس ومشيئاتهم فهو تعالى يمحو ما يشاء من الشرائع والأحكام بحسب حاجة عباده ويثبت كذلك ما هو صالح لهم نافع، { وَعِندَهُ أُمُّ ٱلْكِتَابِ } أي الذي حوى كل المقادير فلا يدخله تبديل ولا تغيير كالموت والحياة والسعادة والشقاء، وفي الحديث:

السابقالتالي
2