الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ قَالَ هَلْ عَلِمْتُمْ مَّا فَعَلْتُم بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنتُمْ جَاهِلُونَ } * { قَالُوۤاْ أَءِنَّكَ لأَنتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَاْ يُوسُفُ وَهَـٰذَا أَخِي قَدْ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَيْنَآ إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُحْسِنِينَ } * { قَالُواْ تَٱللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ ٱللَّهُ عَلَيْنَا وَإِن كُنَّا لَخَاطِئِينَ } * { قَالَ لاَ تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ ٱلْيَوْمَ يَغْفِرُ ٱللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ ٱلرَّاحِمِينَ } * { ٱذْهَبُواْ بِقَمِيصِي هَـٰذَا فَأَلْقُوهُ عَلَىٰ وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ }

شرح الكلمات:

إذ أنتم جاهلون: أي لا تعلمون ما يؤول إليه أمر يوسف.

قد منّ الله علينا: أي أنعم علينا بأن جمع بيننا بعد افتراق طويل أنتم سببه.

من يتق ويصبر: أي يتق الله فيخافه فلا يعصيه ويصبر على ما يناله من وصب ونصب.

لقد آثرك الله علينا: أي فضلك علينا بما منّ عليك من الإِنعام والكمال.

لا تثريب عليكم: أي لا عتب عليكم ولا لوم.

معنى الآيات:

ما زال السياق في الحديث مع يوسف وإخوته، إنه لما وصلوا إليه من أرض كنعان بأمر والدهم وشكوا إليه ما هم فيه من ضيق الحال إذ قالوا له: قد مسنا الضر وجئنا ببضاعة مزجاة، لما سمع منهم ذلك رق قلبه وارفَضَّت عيناه بالدموع وأراد أن ينهي التكتم الذي كان عليه وهو إخفاء حاله عليهم فقال لهم: { قَالَ هَلْ عَلِمْتُمْ مَّا فَعَلْتُم بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ } ذكرهم بما صنعوا به من إلقائه في الجب وبيعه عبداً وبذلك فرقوا بينه وبين والده وأخيه شقيقه وقوله: { إِذْ أَنتُمْ جَاهِلُونَ } أي بما يصير إليه أمر يوسف وهنا قالوا في اندهاش وتعجب: { أَءِنَّكَ لأَنتَ يُوسُفُ } فأجابهم قائلاً بما أخبر تعالى به عنه { قَالَ أَنَاْ يُوسُفُ وَهَـٰذَا أَخِي قَدْ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَيْنَآ } أي أنعم علينا فجمع بيننا على أحسن حال ثم قال: { إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيَِصْبِرْ } أي يتق الله يخافه فيقيم فرائضه ويتجنب نواهيه ويصبر على ذلك وعلى ما يبتليه به { فَإِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُحْسِنِينَ } أي في طاعة ربهم والإِسلام له ظاهراً وباطناً. وهنا قالوا له ما أخبر به تعالى عنهم: { قَالُواْ تَٱللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ ٱللَّهُ عَلَيْنَا } أي بالعلم والعمل والفضل { وَإِن كُنَّا لَخَاطِئِينَ } فيما فعلنا بك، فكان هذا توبة منهم فقال لهم: { لاَ تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ ٱلْيَوْمَ } أي لا عتب ولا لوم ولا ذكر لما صنعتم لأنه يؤذي { يَغْفِرُ ٱللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ ٱلرَّاحِمِينَ } سأل الله تعالى له ولهم المغفرة وأثنى على الله تعالى بأنه أرحم الراحمين متعرضاً لرحمته تعالى له ولإِخوته. ثم سألهم عن والده فأخبروه أنه قد عمي من الحزن عليه فقال: { ٱذْهَبُواْ بِقَمِيصِي هَـٰذَا فَأَلْقُوهُ عَلَىٰ وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً } أي يرجع بصيراً كما كان { وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ } يريد أبويه والنساء والأطفال والأحفاد. وهو تحول كامل للأسرة الشريفة من أرض كنعان إلى أرض مصر تدبيراً من الله العزيز الحكيم.

هداية الآيات

من هداية الآيات:

1- تقرير مبدأ أن المعاصي لن تكون إلا نتيجة للجهل بالله تعالى وجلاله وشرائعه ووعده ووعيده.

2- فضل التقوى والصبر وما لهما من حسن العاقبة.

3- فضل الصفح والعفو وترك عتاب القريب إذا أساء.