شرح الكلمات: منع منا الكيل: أي منع الملك منا الكيل حتى نأتيه بأخينا. نكتل: أي نحصل على الكيل المطلوب. على أخيه من قبل: أي كما أمنتكم على يوسف من قبل وقد فرطتم فيه. ما نبغي: أي أي شيء نبغي. ونزداد كيل بعير: أي بدل ما كنا عشرة نصبح أحد عشر لكل واحد حمل بعير. ذلك كيل يسير: أي على الملك لغناه وطوله فلا يضره أن يزيدنا حمل بعير. موثقاً: أي عهدا مؤكدا باليمين. إلا أن يحاط بكم: أي تهلكوا عن آخركم. من شيء: أي أراد الله خلافه. معنى الآيات: ما زال السياق الكريم في الحديث عن يوسف وإخوته قال تعالى مخبراً عن رجوع إخوة يوسف من مصر إلى أرض كنعان بفلسطين: { فَلَمَّا رَجَعُوا إِلَىٰ أَبِيهِمْ } أي يعقوب عليه السلام { قَالُواْ يٰأَبَانَا مُنِعَ مِنَّا ٱلْكَيْلُ } أي منع منا ملك مصر الكيل إلا أن نأتي بأخينا بنيامين { فَأَرْسِلْ مَعَنَآ أَخَانَا نَكْتَلْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } أن يناله مكروه بحال من الأحوال. فأجابهم يعقوب عليه السلام بما أخبر تعالى عنه بقوله: { قَالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ } أي ما آمنكم عليه { إِلاَّ كَمَآ أَمِنتُكُمْ عَلَىٰ أَخِيهِ مِن قَبْلُ } يعني يوسف لما ذهبوا به إلى البادية. { فَٱللَّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ ٱلرَّاحِمِينَ } جرى هذا الحديث بينهم عند وصولهم وقبل فتح أمتعتهم، وأما بعد فتحها فقد قالوا ما أخبر تعالى به في قوله: { وَلَمَّا فَتَحُواْ مَتَاعَهُمْ وَجَدُواْ بِضَاعَتَهُمْ } أي دراهمهم { رُدَّتْ إِلَيْهِمْ قَالُواْ يٰأَبَانَا مَا نَبْغِي هَـٰذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا } أي فأرسل معنا أخانا نذهب به إلى مصر { وَنَمِيرُ أَهْلَنَا وَنَحْفَظُ أَخَانَا وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ذٰلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ } لأن الملك المصري لا يبيع للنفر الواحد إلا حمل بعير نظراً لحاجة الناس إلى الطعام في هذه السنوات الصعبة للجدب العام في البلاد. فأجابهم يعقوب بما قال تعالى عنه { قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّىٰ تُؤْتُونِ مَوْثِقاً مِّنَ ٱللَّهِ } أي حتى تعطوني عهداً مؤكداً باليمين على أن تأتوني به { لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلاَّ أَن يُحَاطَ بِكُمْ } بعدو ونحوه فتهلكوا جميعاً فأعطوه ما طلب منهم من عهد وميثاق، قال تعالى: { فَلَمَّآ آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ ٱللَّهُ عَلَىٰ مَا نَقُولُ وَكِيلٌ } أي شهيد عليّ وعليكم، أي فأشهد الله تعالى على عهدهم. ولما أرادوا السفر إلى مصر حملته العاطفة الأبوية والرحمة الإِيمانية على أن قال لهم من ما أخبر تعالى عنه: { وَقَالَ يٰبَنِيَّ لاَ تَدْخُلُواْ مِن بَابٍ وَاحِدٍ وَٱدْخُلُواْ مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ } أي لا تدخلوا وأنتم أحد عشر رجلاً من باب واحد فتسرع إليكم العين، وإنما ادخلوا من عدة أبواب فلا تُرون جماعة واحدة أبناء رجل واحد فلا تصيبكم عين الحاسدين ثم قال: { وَمَآ أُغْنِي عَنكُمْ مِّنَ ٱللَّهِ مِن شَيْءٍ } ، وهو كذلك { إِنِ ٱلْحُكْمُ إِلاَّ للَّهِ } فما شاءه كان: { عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ } أي فوضت أمري إليه { وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُتَوَكِّلُونَ } أي فليفوض إليه المتوكلون.