الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَمَآ أُبَرِّىءُ نَفْسِيۤ إِنَّ ٱلنَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِٱلسُّوۤءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيۤ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { وَقَالَ ٱلْمَلِكُ ٱئْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ ٱلْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ } * { قَالَ ٱجْعَلْنِي عَلَىٰ خَزَآئِنِ ٱلأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ } * { وَكَذٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي ٱلأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَآءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَشَآءُ وَلاَ نُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُحْسِنِينَ } * { وَلأَجْرُ ٱلآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ }

شرح الكلمات:

لأمارة بالسوء: أي كثيرة الأمر والسوء هو ما يُسيء إلى النفس البشرية مثل الذنوب.

إلا ما رحم ربي: أي إلا من رحمه الله فإِن نفسه لا تأمر بالسوء لطيبها وطهارتها.

استخلصه لنفسي: أجعله من خلصائي من أهل مشورتي وأسراري.

مكين أمين: أي ذو مكانة تتمكن بها من فعل ما تشاء، أمين مؤتمن على كل شيء عندنا.

خزائن الأرض: أي خزائن الدولة في أرض مصر.

إني حفيظ عليم: أي أحافظ على ما تسنده إليّ واحفظه، عليم بتدبيره.

يتبوأ: أي ينزل ويحل حيث يشاء بعد ما كان في غيابة الجُب وضيق السجن.

معنى الآيات:

ما زال السياق في الحديث على يوسف عليه السلام فقوله تعالى: { وَمَآ أُبَرِّىءُ نَفْسِيۤ إِنَّ ٱلنَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِٱلسُّوۤءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيۤ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ } هذا من قول يوسف عليه السلام، إذ قال لما طلب إلى الملك أن يحقق في قضية النسوة اللاتي قطعن أيديهن وامرأة العزيز وتم التحقيق بالإِعلان عن براءة يوسف مما اتهم به قال ذلك، أي فعلت ليعلم العزيز أني لم أخنه بالغيب، وأن الله لا يهدي كيد الخائنين. وهضماً لنفسه من جهة ومن جهة أخرى فقد همَّ بضرب زليخا كما تقدم، قال: { وَمَآ أُبَرِّىءُ نَفْسِيۤ } وعلل لذلك فقال { إِنَّ ٱلنَّفْسَ } أي البشرية { لأَمَّارَةٌ بِٱلسُّوۤءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيۤ } إلا نفساً رحمها ربي بتوفيقها إلى تزكيتها وتطهيرها بالإِيمان وصالح الأعمال فإنها تصبح نفساً مطمئنة تأمر بالخير وتنهى عن الشر، وقوله: { إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ } ذكر هذه الجملة تعليلاً لقوله: { وَمَآ أُبَرِّىءُ نَفْسِيۤ } فذكر وإن حصل منيّ هم بضرب وهو سوء فإني تبت إلى الله، والله غفور أي يعفو ويصفح فلا يؤاخذ من تاب إليه ويرحمه فإنه رحيم بالمؤمنين من عباده. هذا ما دلت عليه الآية الأولى [53] أما الآية الثانية [54] والثالثة [55] فقد تضمنت استدعاء الملك ليوسف وما دار من حديث بينهما إذ قال تعالى: { وَقَالَ ٱلْمَلِكُ } الريان بن الوليد { ٱئْتُونِي بِهِ } أي بيوسف بعد أن ظهر له علمه وكماله الروحي { أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي } أي أجعله خالصاً لي أستشيره في أمري وأستعين به على مهام ملكي وجاء يوسف من السجن وجلس إلى الملك وتحدث معه وسأله عن موضوع سني الخصب والجدب فأجابه بما أثلج صدره من التدابير الحكيمة السديدة وهنا قال له ما أَخْبَر تعالى به قال له: { إِنَّكَ ٱلْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ } أي ذو مكانة عندنا تمكنك من التصرف في البلاد كيف تشاء أمين على كل شيء عندنا فأجابه يوسف بما أخبر به تعالى بقوله: { قَالَ ٱجْعَلْنِي عَلَىٰ خَزَآئِنِ ٱلأَرْضِ } أي أرض مصر ومعنى هذا أنه حل محل العزيز الذي قد مات في تلك الأيام.

السابقالتالي
2