الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ أَفَأَمِنُوۤاْ أَن تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِّنْ عَذَابِ ٱللَّهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ ٱلسَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } * { قُلْ هَـٰذِهِ سَبِيلِيۤ أَدْعُو إِلَىٰ ٱللَّهِ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ ٱللَّهِ وَمَآ أَنَاْ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } * { وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِيۤ إِلَيْهِمْ مِّنْ أَهْلِ ٱلْقُرَىٰ أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ ٱلآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ ٱتَّقَواْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ }

شرح الكلمات:

غاشية من عذاب الله: أي نقمة من نقمه تعالى تغشاهم أي تحوط بهم.

بغتة: فجأة وهم مقيمون على شركهم وكفرهم.

هذه سبيلي: أي دعوتي وطريقتي التي أنا عليها.

على بصيرة: أي على علم يقين مني.

وسبحان الله: أي تنزيهاً لله وتقديساً أن يكون له شريك في ملكه أو معبود سواه.

من أهل القرى: من أهل المدن والأمصار لا من أهل البوادي.

للذين اتقوا: أي الله تعالى بأداء فرائضه وترك نواهيه.

أفلا تعقلون: أي أفلا يعقل هؤلاء المشركون هذا الذي يتلى عليهم ويبين لهم فيؤمنوا ويوحدوا.

معنى الآيات:

ما زال السياق في الدعوة إلى الإِيمان بالوحي الإِلهي والتوحيد والبعث والجزاء وهي أركان الدين العظمى، فقال تعالى:وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِٱللَّهِ إِلاَّ وَهُمْ مُّشْرِكُونَ } [يوسف: 106] والذين يمرون بالكثير من آيات الله وهم معرضون. أفأمن هؤلاء { أَن تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِّنْ عَذَابِ ٱللَّهِ } أي عقوبة من عذاب تغشاهم وتجللهم بالعذاب الذي لا يطاق { أَوْ تَأْتِيَهُمُ ٱلسَّاعَةُ } أي القيامة { بَغْتَةً } أي فجأة { وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } بوقت مجيئها فتعظم البلية وتشتد عليهم الرزية، وكيف يأمنون وهل يوجد من يؤمنهم غير الله تعالى فما لهم إذاً لا يؤمنون ولا يتقون حتى ينجوا مما يتوقع لهم؟ هذا ما دلت عليه الآية الأولى [107] أما الثانية فقد أمر الله تعالى رسوله أن يواصل دعوته دعوة الخير هو والمؤمنون معه فقال: { قُلْ هَـٰذِهِ سَبِيلِيۤ } أي قل أيها الرسول للناس هذه طريقتي في دعوتي إلى ربي بأن يؤمن به ويعبد وحده دون سواه. { أَدْعُو إِلَىٰ ٱللَّهِ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ } أي على علم يقين بمن أدعو إليه وبما أدعو به وبالنتائج المترتبة على هذه الدعوة، { أَنَاْ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِي } من المؤمنين كلنا ندعو إلى الله على بصيرة.

وقوله تعالى: { وَسُبْحَانَ ٱللَّهِ } أي وقل سبحان الله أي تنزيهاً له عن أن يكون له شريك أو ولد، وقل كذلك معلناً براءتك من الشرك والمشركين { وَمَآ أَنَاْ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ }. هذا ما دلت عليه الآية الثانية. أما الآية الثالثة فإن الله تعالى يخبر رسوله بأنه ما أرسل من قبله من الرسل وهم كثر إلا رجالاً أي لا نساء ولا ملائكة { نُّوحِيۤ إِلَيْهِمْ مِّنْ أَهْلِ ٱلْقُرَىٰ } أي الأمصار والمدن، وهذا إبطال لإِنكارهم أن يكون الرسول رجلاً من الناس، وقوله تعالى: { أَفَلَمْ يَسِيرُواْ } أي هؤلاء المكذبون من قريش وغيرهم { فِي ٱلأَرْضِ } للاعتبار { فَيَنظُرُواْ } كيف كان عاقبة من سبقهم من الأمم كعاد وثمود فإنا أهلكناهم ونجينا أهل الإِيمان والتوحيد من بينهم مع رسلهم هذه النجاة ثمرة من ثمرات الإيمان والتقوى، { وَلَدَارُ ٱلآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ ٱتَّقَواْ } فإنها دار النعيم المقيم والسلامة من الآهات والعاهات والكبر والهرم والموت والفناء.

السابقالتالي
2