الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي ٱلأَرْضِ إِلاَّ عَلَى ٱللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ } * { وَهُوَ ٱلَّذِي خَلَق ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى ٱلْمَآءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَلَئِن قُلْتَ إِنَّكُمْ مَّبْعُوثُونَ مِن بَعْدِ ٱلْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ } * { وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ ٱلْعَذَابَ إِلَىٰ أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ لَّيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ أَلاَ يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ }

شرح الكلمات:

من دابّة: أي حيّ يدبّ على الأرض أي يمشي من إنسان وحيوان.

مستقرها: أي مكان استقراها من الأرض.

ومستودعها: أي مكان استيداعها قبل استقرارها كأصلاب الرجال وأرحام النساء.

في كتاب مبين: أي اللوح المحفوظ.

في ستة أيام: أي الأحد والاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس والجمعة.

وكان عرشه على الماء: إذ لم يكن قد خلق شيئاً من المخلوقات سواه، والماء على الهواء.

ليبلوكم: أي ليختبركم ليرى أيكم أحسن عملاً.

إلى أمة معدودة: أي إلى طائفة من الزمن معدودة.

وحاق بهم: أي نزل وأحاط بهم.

معنى الآيات:

لما أخبر تعالى في الآية السابقة إنه عليم بذات الصدور ذكر في هذه مظاهر علمه وقدرته تقريراً لما تضمنته الآية السابقة فقال عز وجل { وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي ٱلأَرْضِ } من إنسان يمشي على الأرض أو حيوان يمشي عليها زاحفاً أو يمشي على رجلين أو أكثر أو يطير في السماء إلا وقد تكفّل الله بزرقها أي بخلقه وإيجاده لها وبتعليمها كيف تطلبه وتحصل عليه، وهو تعالى يعلم كذلك مستقرها أي مكان استقرار تلك الدابة في الأرض، كما يعلم أيضاً مستودعها بعد موتها إلى تبعث ليوم القيامة.

وقوله تعالى { كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ } أي من الدابة ورزقها ومستقرها ومستودعها قد دوّن قبل خلقه في كتاب المقادير اللوح المحفوظ، وقوله تعالى في الآية [7] { وَهُوَ ٱلَّذِي خَلَق ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى ٱلْمَآءِ } أي أوجد السماوات السبع والأرض وما فيها في ظرف ستة أيام وجائز أن تكون كأيام الدنيا، وجائز أن تكون كالأيام التي عنده وهي ألف سنة لقوله في سورة الحجوَإِنَّ يَوْماً عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ } [الآية: 47] وقوله { وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى ٱلْمَآءِ } أي خلق العرش قبل خلق السماوات والأرض، والعرش: سرير المُلك ومنه يتم تدبير كل شيء في هذه الحياة، وقوله { عَلَى ٱلْمَآءِ } إذ لم يكن أرض ولا سماء فلم يكن إلا الماء كالهواء. وقوله تعالى { لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً } أي خلقكم وخلق كل شيء لأجلكم، ليختبركم أيكم أطوع له وأحسن عملا أي بإخلاصه لله تعالى وحده وبفعله على نحو ما شرعه الله وبيّنه رسوله.

هذه مظاهر علمه تعالى وقدرته وبها استوجب العبادة وحده دون سواه وبها عُلم أنه لا يخفى عليه من أمر عباده شيء فكيف يحاول الجهلة إخفاء ما في صدورهم وما تقوم به جوارحهم بثني صدورهم واستغشاء ثيابهم. ألا ساء ما يعملون.

وقوله تعالى { وَلَئِن قُلْتَ } - أي أيها الرسول للمشركين - إنكم مبعوثون من بعد الموت، أي مخلوقون خلقاً جديداً ومبعوثون من قبوركم لمحاسبتكم ومجازاتكم بحسب أعمالكم في هذه الحياة الدنيا { لَيَقُولَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ } أي عند سماع أخبار الحياة الثانية وما فيها من نعيم مقيم، وعذاب مهين { إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ } أي ما يقوله محمد صلى الله عليه وسلم من هذا الكلام ما هو إلا سحر مبين يريد به صرف الناس عن ملذاتهم، وجمعهم حوله ليترأس عليهم ويخدموه، وهو كلام باطل وظن كاذب وهذا شأن الكافر، وقوله تعالى في الآية [8] { وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ ٱلْعَذَابَ إِلَىٰ أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ } أي ولئن أخرنا أي أرجأنا ما توعدناهم به من عذاب إلى أوقات زمانية معدودة الساعات والأيام والشهور والأعوام { لَّيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ } أي شيء حبس العذاب يقولون هذا إنكاراً منهم واستخفافاً قال تعالى { أَلاَ يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ } أي ليس هناك من يصرفه ويدفعه عنهم بحال من الأحوال، { وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ } أي ونزل بهم العذاب الذي كانوا به يستهزئون بقولهم: ما يحبسه!!؟

هداية الآيات

من هداية الآيات:

1- سعة علم الله تعالى وتكفله بأرزاق مخلوقاته من إنسان وحيوان.

السابقالتالي
2