الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ فَمَآ آمَنَ لِمُوسَىٰ إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ عَلَىٰ خَوْفٍ مِّن فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَن يَفْتِنَهُمْ وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي ٱلأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ ٱلْمُسْرِفِينَ } * { وَقَالَ مُوسَىٰ يٰقَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِٱللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوۤاْ إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ } * { فَقَالُواْ عَلَىٰ ٱللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ } * { وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلْكَافِرِينَ } * { وَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰ وَأَخِيهِ أَن تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتاً وَٱجْعَلُواْ بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ وَبَشِّرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ }

شرح الكلمات:

فما آمن لموسى: أي لم يَنْقَدْ له ويتبعه.

إلا ذرِّيَّة: أي طائفة قليلة من أولاد بني إسرائيل.

وملائهم: أي أشرافهم ورؤسائهم.

أن يفتنهم: أن يضطهدهم ويعذبهم.

لعال في الأرض: قاهر مُستبدٌ.

مسلمين: مذعنين منقادين لأمره ونهيه.

فتنة للقوم الظالمين: أي لا تفتنهم بنا بأن تنصرهم علينا فيروا أنهم خير منا فيزدادوا كفراً.

أن تبوَّءا: اتخذا لقومكما بمصر بيوتا تبوءون إليها وترجعون.

قبلة: أي مساجد تصلون فيها.

معنى الآيات:

بعد ذلك الانتصار الباهر الذي تم لموسى على السحرة، والهزيمة المرة التي لحقت فرعون ولم يؤمن لموسى ويتابعه إلا ذرّيّة من بني إسرائيل، وعدد قليل من آل فرعون كامرأته ومؤمن آل فرعون والماشطة قال تعالى: { فَمَآ آمَنَ لِمُوسَىٰ إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ عَلَىٰ خَوْفٍ مِّن فِرْعَوْنَ } أي مع خوف من فرعون أن يفتنهم وقوله: { وَمَلَئِهِمْ } عائد إلى مؤمني آل فرعون أي مع خوف من ملائهم أي رؤسائهم وأشرافهم أن يفتنوهم أيضاً، وقوله تعالى { وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي ٱلأَرْضِ } أي إنه قاهر متسلط مستبد ظالم، { وَإِنَّهُ لَمِنَ ٱلْمُسْرِفِينَ } في الظلم فلذا خافوه لما آمنوا، ولما ظهر الخوف على بني إسرائيل قال لهم موسى { يٰقَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِٱللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوۤاْ إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ } ففوضوا أمركم إليه إن كنتم حقاً مسلمين لله منقادين لأمره ونهيه، فأجابوا قائلين: { عَلَىٰ ٱللَّهِ تَوَكَّلْنَا } وسألوا الله تعالى أن لا يفتن قوم فرعون بهم بأن ينصرهم عليهم فيزدادوا كفراً وظلماً، وضمن ذلك أن لا تسلط الظالمين علينا فيفتنونا في ديننا بصرفنا عنه بقوة التعذيب { رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلْكَافِرِينَ } وهذا حسن توسل منهم إذا قالوا برحمتك فتوسلوا إلى الله برحمته ليستجيب دعاءهم، والمراد من القوم الكافرين هنا فرعون وملأه. وقوله تعالى: { وَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰ وَأَخِيهِ } أي هارون { أَن تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُمَا } أي من بني إسرائيل { بِمِصْرَ } أي بأرض مصر { بُيُوتاً وَٱجْعَلُواْ بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً } أي متقابلة ومساجد تصلون فيها { وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ } على الوجه الذي شرع لكم. وهذا بناء على أن بني إسرائيل بعد الانتصار على فرعون أخذوا ينحازون من مجتمع فرعون فأمروا أن يكونوا حياً مستقلاً استعداداً للخروج من أرض مصر فأمرهم الرب تبارك وتعالى أن يجعلوا بيوتهم قبلة أي متقابلة ليعرفوا من يدخل عليهم ومن يخرج منهم وليصلوا فيها كالمساجد حيث منعوا من المساجد إما بتخريبها وإما بمنعهم منها ظلماً وعدواناً وقوله تعالى { وَبَشِّرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ } أي وبشر يا رسولنا المؤمنين الصادقين في إيمانهم الكاملين فيه بحسن العاقبة بكرامة الدنيا وسعادة الآخرة بدخول دار السلام.

هداية الآيات

من هداية الآيات:

1- تسلية الرسول صلى الله عليه وسلم حيث أراه كيف انتصر موسى بالمعجزات ومع ذلك لم يتابعه إلا القليل من قومه.

2- التنديد بالعلو في الأرض والإِسراف في الشر والفساد وبأهلهما.

3- وجوب التوكل على الله تعالى لتحمل عبء الدعوة إلى الله تعالى والقيام بطاعته.

4- مشروعية الدعاء والتوسل إلى الله تعالى بأسمائه وصفاته.

5- اتخاذ المساجد في المنازل للصلاة فيها عند الخوف.

6- وجوب إقام الصلاة.

7- بشرى الله تعالى للمؤمنين والمقيمين للصلاة بحسن العاقبة في الدارين.