الرئيسية - التفاسير


* تفسير أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير/ أبو بكر الجزائري (مـ 1921م) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ إِنَّمَا مَثَلُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا كَمَآءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ فَٱخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ ٱلأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ ٱلنَّاسُ وَٱلأَنْعَامُ حَتَّىٰ إِذَآ أَخَذَتِ ٱلأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَٱزَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَآ أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَآ أَتَاهَآ أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِٱلأَمْسِ كَذٰلِكَ نُفَصِّلُ ٱلآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } * { وَٱللَّهُ يَدْعُوۤاْ إِلَىٰ دَارِ ٱلسَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَآءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }

شرح الكلمات:

مثل الحياة الدنيا: أي صفتها المنطبقة عليها المُتَّفِقة معها.

ماء: أي مطر.

فاختلط به: أي بسببه نبات الأرض أي اشتبك بعضه ببعض.

مما يأكل الناس: كالبر وسائر الحبوب والفواكه والخضر.

والأنعام: أي من الكلأ والعشب عادة وإلا قد يعلف الحيوان الشعير.

زخرفها: أي نضرتها وبهجتها.

وازينت: أي تجملت بالزهور.

وظن أهلها أنهم قادرون عليها: أي متمكنون من تحصيل حاصلاتها الزراعية.

أتاها أمرنا: أي قضاؤنا بإهلاكها وتدميرها عقوبة لأصحابها.

حصيداً: أي كأنها محصودة بالمنجل ليس فيها شيء قائم.

كأن لم تغن بالأمس: أي كأن لم تكن موجودة غانية بالأمس.

نفصل الآيات: أي نبينها.

والله يدعو إلى دار السلام: دار السلام: الجنة والله يدعو إليها عباده ليأخذوا بالأهبة لدخولها وهي الإِيمان والعمل الصالح وترك الشرك والمعاصي.

معنى الآيتين:

ما زال السياق الكريم يعرض الهدايات الإِلهية على الناس لعلهم يهتدون ففي هذه الآية يضرب تعالى مثلا للحياة الدنيا التي يتكالب الغافلون عليها ويبيعون آخرتهم بها فيكذبون ويظلمون من أجلها إنما مثلها في نضارتها الغارة بها وجمالها الخادعة به كمثل ماء نزل من السماء فاختلط بالماء نبات الأرض فسقى به ونما وازدهر وأورَق وأثمر وفرح به أهله وغلب على ظنهم أنهم منتفعون به فائزون به وإذا بقضاء الله فيه تأتيه فجأه في ساعة من ليل أو نهار فإذا هو حصيد ليس فيه ما هو قائم على ساق، هشيم تذروه الرياح كأن لم لم يغْن بالأمس أي كأن لم يكن موجوداً أمس قائماً يعمُر مكانه أتاه أمر الله لأن أهله ظلموا فعاقبهم بجائحة أفسدت عليهم زرعهم فأمسوا يائسين حزينين. هذه الصورة المثالية للحياة الدنيا فهلا يتنبه الغافلون أمثالي!! أو هلا يستيقظ النائمون من حالهم كحالي؟؟.

وقوله تعالى في الآية الثانية [25] { وَٱللَّهُ يَدْعُوۤاْ إِلَىٰ دَارِ ٱلسَّلاَمِ } أي بترك الشرك والمعاصي والإِقبال على الطاعات والصالحات ودار السلام الجنة إذ هي الخالية من الكدر والتنغيص فلا مرض ولا هرم، ولا موت ولا حزن. ودعاة الضلالة يدعون إلى الدنيا والتي صورتها ومآلها، أنها دار الكدر والتنغيص. والهم والحزن فأي الدعوتين تجاب؟ { وَيَهْدِي مَن يَشَآءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } فلتطلب هدايته بصدق فإنه لا يهدي إلا هو والصراط المستقيم هو الإِسلام طريق الجنة وسُلَّم الوصول إليها رزقنا الله تعالى السير فيه والثبات عليه.

هداية الآيتين

من هداية الآيتين:

1- بيان الصورة الحقيقية للحياة الدنيا في نضرتها وسرعة زوالها.

2- التحذير من الاغترار بالدنيا والركون إليها.

3- التحذير من الذنوب فإنها سبب الشقاء وسلب النعم.

4- فضيلة التفكر وأهله.

5- فضل الله على عباده ورحمته بهم إذ يدعوهم إلى داره لإِكرامهم والإِنعام عليهم.