الرئيسية - التفاسير


* تفسير فتح القدير/ الشوكاني (ت 1250 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلْلَّيْلِ إِذَا يَغْشَىٰ } * { وَٱلنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّىٰ } * { وَمَا خَلَقَ ٱلذَّكَرَ وَٱلأُنثَىٰ } * { إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّىٰ } * { فَأَمَّا مَنْ أَعْطَىٰ وَٱتَّقَىٰ } * { وَصَدَّقَ بِٱلْحُسْنَىٰ } * { فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَىٰ } * { وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَٱسْتَغْنَىٰ } * { وَكَذَّبَ بِٱلْحُسْنَىٰ } * { فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَىٰ } * { وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّىٰ } * { إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَىٰ } * { وَإِنَّ لَنَا لَلآخِرَةَ وَٱلأُولَىٰ } * { فَأَنذَرْتُكُمْ نَاراً تَلَظَّىٰ } * { لاَ يَصْلَٰهَآ إِلاَّ ٱلأَشْقَى } * { ٱلَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ } * { وَسَيُجَنَّبُهَا ٱلأَتْقَى } * { ٱلَّذِى يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّىٰ } * { وَمَا لأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَىٰ } * { إِلاَّ ٱبْتِغَآءَ وَجْهِ رَبِّهِ ٱلأَعْلَىٰ } * { وَلَسَوْفَ يَرْضَىٰ }

قوله { وَٱلَّيْلِ إِذَا يَغْشَىٰ } أي يغطي بظلمته ما كان مضيئاً. قال الزجاج يغشى الليل الأفق، وجميع ما بين السماء والأرض، فيذهب ضوء النهار، وقيل يغشى النهار. وقيل يغشى الأرض. والأوّل أولى. { وَٱلنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّىٰ } أي ظهر وانكشف، ووضح لزوال الظلمة التي كانت في الليل، وذلك بطلوع الشمس { وَمَا خَلَقَ ٱلذَّكَرَ وَٱلأَنثَىٰ } " ما " هنا هي الموصولة، أي والذي خلق الذكر والأنثى، وعبر عن من بما للدلالة على الوصفية، ولقصد التفخم، أي والقادر العظيم الذي خلق صنفي الذكر والأنثى. قال الحسن، والكلبي معناه، والذي خلق الذكر والأنثى فيكون قد أقسم بنفسه. قال أبو عبيدة { وما خلق } ، أي ومن خلق. وقال مقاتل يعني وخلق الذكر والأنثى فتكون «ما» على هذا مصدرية. قال الكلبي، ومقاتل يعني آدم وحواء، والظاهر العموم. قرأ الجمهور { وما خلق الذكر والأنثى }. وقرأ ابن مسعود والذكر والأنثى بدون " ما خلق ". { إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّىٰ } هذا جواب القسم، أي إن عملكم لمختلف فمنه عمل للجنة، ومنه عمل للنار. قال جمهور المفسرين السعي العمل، فساع في فكاك نفسه، وساع في عطبها. و { شتى } جمع شتيت كمرضى ومريض. وقيل للمختلف شتى لتباعد ما بين بعضه وبعض. { فَأَمَّا مَنْ أَعْطَىٰ وَٱتَّقَىٰ } أي بذل ماله في وجوه الخير، واتقى محارم الله التي نهى عنها { وَصَدَّقَ بِٱلْحُسْنَىٰ } أي بالخلف من الله. قال المفسرون فأما من أعطى المعسرين. وقال قتادة أعطى حقّ الله الذي عليه. وقال الحسن أعطى الصدق من قلبه، وصدّق بالحسنى، أي بلا إله إلاّ الله، وبه قال الضحاك، والسلمي. وقال مجاهد بالحسنى بالجنة. وقال زيد بن أسلم بالصلاة، والزكاة، والصوم، والأوّل أولى. قال قتادة بالحسنى، أي بموعود الله الذي وعده أن يثيبه. قال الحسن بالخلف من عطائه، واختار هذا ابن جرير { فَسَنُيَسّرُهُ لِلْيُسْرَىٰ } أي فسنهيئه للخصلة الحسنى، وهي عمل الخير، والمعنى فسنيسر له الإنفاق في سبيل الخير، والعمل بالطاعة لله. قال الواحدي قال المفسرون نزلت هذه الآيات في أبي بكر الصدّيق اشترى ستة نفر من المؤمنين كانوا في أيدي أهل مكة يعذبونهم في الله. { وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَٱسْتَغْنَىٰ } أي بخل بماله، فلم يبذله في سبل الخير، واستغنى أي زهد في الأجر والثواب، أو { استغنى } بشهوات الدنيا عن نعيم الآخرة. { وَكَذَّبَ بِٱلْحُسْنَىٰ } أي بالخلف من الله عزّ وجلّ، وقال مجاهد بالجنة، وروي عنه أيضاً أنه قال بلا إلٰه إلاّ الله { فَسَنُيَسّرُهُ لِلْعُسْرَىٰ } أي فسنهيئه للخصلة العسرى، ونسهلها له حتى تتعسر عليه أسباب الخير والصلاح، ويضعف عن فعلها، فيؤديه ذلك إلى النار. قال مقاتل يعسر عليه أن يعطي خيراً.

السابقالتالي
2 3 4 5 6