الرئيسية - التفاسير


* تفسير فتح القدير/ الشوكاني (ت 1250 هـ) مصنف و مدقق


{ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ٱلْغَاشِيَةِ } * { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ } * { عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ } * { تَصْلَىٰ نَاراً حَامِيَةً } * { تُسْقَىٰ مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ } * { لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِن ضَرِيعٍ } * { لاَّ يُسْمِنُ وَلاَ يُغْنِي مِن جُوعٍ } * { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاعِمَةٌ } * { لِّسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ } * { فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ } * { لاَّ تَسْمَعُ فِيهَا لاَغِيَةً } * { فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ } * { فِيهَا سُرُرٌ مَّرْفُوعَةٌ } * { وَأَكْوَابٌ مَّوْضُوعَةٌ } * { وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ } * { وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ } * { أَفَلاَ يَنظُرُونَ إِلَى ٱلإِبْلِ كَيْفَ خُلِقَتْ } * { وَإِلَى ٱلسَّمَآءِ كَيْفَ رُفِعَتْ } * { وَإِلَىٰ ٱلْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ } * { وَإِلَى ٱلأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ } * { فَذَكِّرْ إِنَّمَآ أَنتَ مُذَكِّرٌ } * { لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ } * { إِلاَّ مَن تَوَلَّىٰ وَكَفَرَ } * { فَيُعَذِّبُهُ ٱللَّهُ ٱلْعَذَابَ ٱلأَكْبَرَ } * { إِنَّ إِلَيْنَآ إِيَابَهُمْ } * { ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ }

قوله { هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ٱلْغَـٰشِيَةِ } قال جماعة من المفسرين هل هنا بمعنى قد، وبه قال قطرب، أي قد جاءك يا محمد حديث الغاشية، وهي القيامة لأنها تغشى الخلائق بأهوالها. وقيل إن بقاء هل هنا على معناها الاستفهامي المتضمن للتعجيب بما في خبره، والتشويق إلى استماعه أولى. وقد ذهب إلى أن المراد بالغاشية هنا القيامة أكثر المفسرين. وقال سعيد بن جبير، ومحمد بن كعب الغاشية النار تغشى وجوه الكفار كما في قولهوَتَغْشَىٰ وُجُوهَهُمْ ٱلنَّارُ } إبراهيم 50 وقيل الغاشية أهل النار لأنهم يغشونها ويقتحمونها. والأوّل أولى. قال الكلبي المعنى إن لم يكن أتاك حديث الغاشية، فقد أتاك. { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَـٰشِعَةٌ } الجملة مستأنفة جواب سؤال مقدّر كأنه قيل ما هو؟ أو مستأنفة استئنافاً نحوّياً لبيان ما تضمنته من كون، ثم وجوه في ذلك اليوم متصفة بهذه الصفة المذكورة. ووجوه مرتفع على الابتداء، وإن كانت نكرة لوقوعه في مقام التفصيل. وقد تقدّم مثل هذا في سورة القيامة، وفي سورة النازعات. والتنوين في يومئذ عوض عن المضاف إليه، أي يوم غشيان الغاشية. والخاشعة الذليلة الخاضعة. وكل متضائل ساكن يقال له خاشع، يقال خشع الصوت إذا خفي، وخشع في صلاته إذا تذلل ونكس رأسه. والمراد بالوجوه هنا أصحابها. قال مقاتل يعني الكفار لأنهم تكبروا عن عبادة الله. قال قتادة، وابن زيد خاشعة في النار. وقيل أراد وجوه اليهود والنصارى على الخصوص، والأوّل أولى. قوله { عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ } معنى { عاملة } أنها تعمل عملاً شاقاً. قال أهل اللغة يقال للرجل إذا دأب في سيره عمل يعمل عملاً، ويقال للسحاب إذا دام برقه قد عمل يعمل عملاً. قيل وهذا العمل هو جرّ السلاسل والأغلال، والخوض في النار. { نَّاصِبَةٌ } أي تعبة. يقال نصب بالكسر ينصب نصباً إذا تعب، والمعنى أنها في الآخرة تعبة لما تلاقيه من عذاب الله. وقيل إن قوله { عَامِلَةٌ } في الدنيا إذ لا عمل في الآخرة، أي تعمل في الدنيا بالكفر والمعاصي، وتنصب في ذلك. وقيل إنها عاملة في الدنيا ناصبة في الآخرة، والأوّل أولى. قال قتادة { عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ } تكبرت في الدنيا عن طاعة الله، فأعملها الله، وأنصبها في النار بجرّ السلاسل الثقال، وحمل الأغلال، والوقوف حفاة عراة في العرصاتفِى يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ } المعارج 4 قال الحسن، وسعيد بن جبير لم تعمل لله في الدنيا، ولم تنصب فأعملها، وأنصبها في جهنم. قال الكلبي يجرّون على وجوههم في النار. وقال أيضاً يكلفون ارتقاء جبل من حديد في جهنم، فينصبون فيها أشد ما يكون من النصب بمعالجة السلاسل، والأغلال، والخوض في النار كما تخوض الإبل في الوحل.

السابقالتالي
2 3 4 5 6