الرئيسية - التفاسير


* تفسير فتح القدير/ الشوكاني (ت 1250 هـ) مصنف و مدقق


{ إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنشَقَّتْ } * { وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ } * { وَإِذَا ٱلأَرْضُ مُدَّتْ } * { وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ } * { وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ } * { يٰأَيُّهَا ٱلإِنسَٰنُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَىٰ رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاَقِيهِ } * { فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَـٰبَهُ بِيَمِينِهِ } * { فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً } * { وَيَنقَلِبُ إِلَىٰ أَهْلِهِ مَسْرُوراً } * { وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَٰبَهُ وَرَآءَ ظَهْرِهِ } * { فَسَوْفَ يَدْعُواْ ثُبُوراً } * { وَيَصْلَىٰ سَعِيراً } * { إِنَّهُ كَانَ فِيۤ أَهْلِهِ مَسْرُوراً } * { إِنَّهُ ظَنَّ أَن لَّن يَحُورَ } * { بَلَىٰ إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيراً } * { فَلاَ أُقْسِمُ بِٱلشَّفَقِ } * { وَٱللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ } * { وَٱلْقَمَرِ إِذَا ٱتَّسَقَ } * { لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَن طَبقٍ } * { فَمَا لَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ } * { وَإِذَا قُرِىءَ عَلَيْهِمُ ٱلْقُرْآنُ لاَ يَسْجُدُونَ } * { بَلِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُكَذِّبُونَ } * { وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ } * { فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } * { إِلاَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ }

قوله { إِذَا ٱلسَّمَاء ٱنشَقَّتْ } هو كقولهإِذَا ٱلشَّمْسُ كُوّرَتْ } التكوير 1 في إضمار الفعل وعدمه. قال الواحدي قال المفسرون انشقاقها عن علامات القيامة، ومعنى انشقاقها انفطارها بالغمام الأبيض، كما في قولهوَيَوْمَ تَشَقَّقُ ٱلسَّمَاء بِٱلْغَمَـٰمِ } الفرقان 25 وقيل تنشقّ من المجرّة، والمجرّة باب السماء. واختلف في جواب إذا، فقال الفرّاء إنه أذنت، والواو زائدة، وكذلك ألقت. قال ابن الأنباري هذا غلط، لأن العرب لا تقحم الواو إلا مع حتى إذا كقولهحَتَّىٰ إِذَا جَاءوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوٰبُهَا } الزمر 1 ومع لما، كقولهفَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَـٰدَيْنَـٰهُ } الصافات 103، 104 ولا تقحم مع غير هذين. وقيل إن الجواب قوله { فَمُلَـٰقِيهِ } أي فأنت ملاقيه، وبه قال الأخفش. وقال المبرد إن في الكلام تقديماً وتأخيراً أي يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحاً، فملاقيه إذا السماء انشقت. وقال المبرد أيضاً إن الجواب قوله { فَأَمَّا مَنْ أُوتِىَ كِتَـٰبَهُ بِيَمِينِهِ } وبه قال الكسائي، والتقدير إذا السماء انشقت، فمن أوتي كتابه بيمينه، فحكمه كذا، وقيل هو { يا أيها ٱلإِنسَـٰنَ } على إضمار الفاء، وقيل إنه { يا أيها ٱلإِنسَـٰنَ } على إضمار القول أي يقال له يا أيها الإنسان وقيل الجواب محذوف تقديره بعثتم، أو لاقى كلّ إنسان عمله، وقيل هو ما صرّح به في سورة التكوير أي علمت نفس هذا، على تقدير أن إذا شرطية، وقيل ليست بشرطية وهي منصوبة بفعل محذوف أي اذكر، أو هي مبتدأ، وخبرها إذا الثانية، والواو مزيدة، وتقديره وقت انشقاق السماء وقت مدّ الأرض، ومعنى { وَأَذِنَتْ لِرَبّهَا } أنها أطاعته في الانشقاق من الإذن، وهو الاستماع للشيء والإصغاء إليه { وَحُقَّتْ } أي وحقّ لها أن تطيع وتنقاد وتسمع، ومن استعمال الإذن في الاستماع قول الشاعر
صم إذا سمعوا خيراً ذكرت به وإن ذكرت بسوء عندهم أذنوا   
وقول الآخر
إن يأذنوا ريبة طاروا بها فرحا مني وما أذنوا من صالح دفنوا   
وقيل المعنى وحقق الله عليها الاستماع لأمره بالانشقاق أي جعلها حقيقة بذلك. قال الضحاك { حقت } أطاعت، وحقّ لها أن تطيع ربها لأنه خلقها، يقال فلان محقوق بكذا، ومعنى طاعتها أنها لا تمتنع مما أراده الله بها. قال قتادة حقّ لها أن تفعل ذلك، ومن هذا قول كثير
فإن تكن العتبى فأهلا ومرحبا وحقت لها العتبى لدينا وقلت   
{ وَإِذَا ٱلأَرْضُ مُدَّتْ } أي بسطت كما تبسط الأدم ودكت جبالها حتى صارت قاعاً صفصفاً لا ترى فيها عوجاً ولا أمتاً. قال مقاتل سوّيت كمدّ الأديم، فلا يبقى عليها بناء ولا جبل إلا دخل فيها، وقيل مدّت زيد في سعتها، من المدد، وهو الزيادة. { وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا } أي أخرجت ما فيها من الأموات والكنوز، وطرحتهم إلى ظهرها { وَتَخَلَّتْ } من ذلك.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7