الرئيسية - التفاسير


* تفسير فتح القدير/ الشوكاني (ت 1250 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ } * { ٱلَّذِينَ إِذَا ٱكْتَالُواْ عَلَى ٱلنَّاسِ يَسْتَوْفُونَ } * { وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ } * { أَلا يَظُنُّ أُوْلَـٰئِكَ أَنَّهُمْ مَّبْعُوثُونَ } * { لِيَوْمٍ عَظِيمٍ } * { يَوْمَ يَقُومُ ٱلنَّاسُ لِرَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } * { كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ ٱلْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ } * { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ } * { كِتَابٌ مَّرْقُومٌ } * { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ } * { ٱلَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ ٱلدِّينِ } * { وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلاَّ كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ } * { إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } * { كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } * { كَلاَّ إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ } * { ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُواْ ٱلْجَحِيمِ } * { ثُمَّ يُقَالُ هَـٰذَا ٱلَّذِي كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ }

قوله { وَيْلٌ لّلْمُطَفّفِينَ } ويل مبتدأ، وسوّغ الابتداء به كونه دعاء، ولو نصب لجاز. قال مكي والمختار في ويل، وشبهه إذا كان غير مضاف الرفع، ويجوز النصب، فإن كان مضافاً أو معرّفاً كان الاختيار فيه النصب نحو قولهوَيْلَكُمْ لاَ تَفْتَرُواْ } طه 61 و { للمطففين } خبره، والمطفف المنقص، وحقيقته الأخذ في الكيل، أو الوزن شيئًا طفيفاً أي نزراً حقيراً. قال أهل اللغة المطفف مأخوذ من الطفف، وهو القليل، فالمطفف هو المقلل حق صاحبه بنقصانه عن الحق في كيل أو وزن. قال الزجاج إنما قيل للذي ينقص المكيال والميزان مطفف، لأنه لا يكاد يسرق في المكيال والميزان إلا الشيء اليسير الطفيف. قال أبو عبيدة، والمبرد المطفف الذي يبخس في الكيل والوزن، والمراد بالويل هنا شدّة العذاب، أو نفس العذاب، أو الشرّ الشديد، أو هو واد في جهنم. قال الكلبي قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، وهم يسيئون كيلهم، ووزنهم لغيرهم، ويستوفون لأنفسهم، فنزلت هذه الآية. وقال السديّ قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، وكان بها رجل يقال له أبو جهينة، ومعه صاعان يكيل بأحدهما، ويكتال بالآخر، فأنزل الله هذه الآية. قال الفراء هم بعد نزول هذه الآية أحسن الناس كيلاً إلى يومهم هذا. ثم بيّن سبحانه المطففين من هم؟ فقال { ٱلَّذِينَ إِذَا ٱكْتَالُواْ عَلَى ٱلنَّاسِ يَسْتَوْفُونَ } أي يستوفون الاكتيال، والأخذ بالكيل. قال الفرّاء يريد اكتالوا من الناس، وعلى ومن في هذا الموضع يعتقبان، يقال اكتلت منك أي استوفيت منك، وتقول اكتلت عليك أي أخذت ما عليك. قال الزجاج إذا اكتالوا من الناس استوفوا عليهم الكيل، ولم يذكر اتزنوا لأن الكيل والوزن بهما الشراء والبيع، فأحدهما يدل على الآخر. قال الواحدي قال المفسرون يعني الذين إذا اشتروا لأنفسهم استوفوا في الكيل والوزن، وإذا باعوا ووزنوا لغيرهم نقصوا، وهو معنى قوله { وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ } أي كالوا لهم، أو وزنوا لهم، فحذفت اللام فتعدّى الفعل إلى المفعول، فهو من باب الحذف والإيصال، ومثله نصحتك، ونصحت لك، كذا قال الأخفش، والكسائي، والفرّاء. قال الفرّاء وسمعت أعرابية تقول إذا صدر الناس أتينا التاجر، فيكيلنا المدّ والمدّين إلى الموسم المقبل. قال وهو من كلام أهل الحجاز، ومن جاورهم من قيس. قال الزجاج لا يجوز الوقف على كالوا حتى يوصل بالضمير، ومن الناس من يجعله توكيداً أي توكيداً للضمير المستكنّ في الفعل، فيجيز الوقف على كالوا أو وزنوا، قال أبو عبيد وكان عيسى بن عمر يجعلهما حرفين، ويقف على كالوا أو وزنوا، ثم يقول هم يخسرون. قال وأحسب قراءة حمزة كذلك. قال أبو عبيد والاختيار أن يكونا كلمة واحدة من جهتين إحداهما الخط، ولذلك كتبوها بغير ألف، ولو كانتا مقطوعتين لكانتا كالوا أو وزنوا بالألف.

السابقالتالي
2 3 4 5