الرئيسية - التفاسير


* تفسير فتح القدير/ الشوكاني (ت 1250 هـ) مصنف و مدقق


{ إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنفَطَرَتْ } * { وَإِذَا ٱلْكَوَاكِبُ ٱنتَثَرَتْ } * { وَإِذَا ٱلْبِحَارُ فُجِّرَتْ } * { وَإِذَا ٱلْقُبُورُ بُعْثِرَتْ } * { عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ } * { يٰأَيُّهَا ٱلإِنسَٰنُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ ٱلْكَرِيمِ } * { ٱلَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ } * { فِيۤ أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَآءَ رَكَّبَكَ } * { كَلاَّ بَلْ تُكَذِّبُونَ بِٱلدِّينِ } * { وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ } * { كِرَاماً كَاتِبِينَ } * { يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ } * { إِنَّ ٱلأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ } * { وَإِنَّ ٱلْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ } * { يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ ٱلدِّينِ } * { وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَآئِبِينَ } * { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ ٱلدِّينِ } * { ثُمَّ مَآ أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ ٱلدِّينِ } * { يَوْمَ لاَ تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَٱلأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ }

قوله { إِذَا ٱلسَّمَاء ٱنفَطَرَتْ } قال الواحدي قال المفسرون انفطارها انشقاقها كقولهوَيَوْمَ تَشَقَّقُ ٱلسَّمَاء بِٱلْغَمَـٰمِ وَنُزّلَ ٱلْمَلَـٰئِكَةُ تَنزِيلاً } الفرقان 25 والفطر الشق، يقال فطرته فانفطر، ومنه فطر ناب البعير إذا طلع، قيل والمراد أنها انفطرت هنا لنزول الملائكة منها، وقيل انفطرت لهيبة الله. { وَإِذَا ٱلْكَوَاكِبُ ٱنتَثَرَتْ } أي تساقطت متفرقة يقال نثرت الشيء أنثره نثراً. { وَإِذَا ٱلْبِحَارُ فُجّرَتْ } أي فجر بعضها في بعض، فصارت بحراً واحداً، واختلط العذب منها بالمالح. وقال الحسن معنى { فجرت } ذهب ماؤها، ويبست، وهذه الأشياء بين يدي الساعة، كما تقدّم في السورة التي قبل هذه { وَإِذَا ٱلْقُبُورُ بُعْثِرَتْ } أي قلب ترابها، وأخرج الموتى الذين هم فيها، يقال بعثر يبعثر بعثرة إذا قلب التراب، ويقال بعثر المتاع قلبه ظهراً لبطن، وبعثرت الحوض وبعثرته إذا هدمته، وجعلت أعلاه أسفله. قال الفراء { بعثرت } أخرج ما في بطنها من الذهب والفضة، وذلك من أشراط الساعة أن تخرج الأرض ذهبها وفضتها. ثم ذكر سبحانه الجواب عما تقدّم فقال { عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ } والمعنى أنها علمته عند نشر الصحف لا عند البعث لأنه وقت واحد من عند البعث إلى عند مصير أهل الجنة إلى الجنة، وأهل النار إلى النار، والكلام في إفراد نفس هنا، كما تقدّم في السورة الأولى في قولهعَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا أَحْضَرَتْ } التكوير 14 ومعنى { مَّا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ } ما قدّمت من عمل خير أو شرّ، وما أخرت من سنة حسنة أو سيئة لأن لها أجر ما سنته من السنن الحسنة، وأجر من عمل بها، وعليها وزر ما سنته من السنن السيئة، ووزر من عمل بها. وقال قتادة ما قدّمت من معصية، وأخرت من طاعة، وقيل ما قدّم من فرض، وأخّر من فرض، وقيل أوّل عمله وآخره. وقيل إن النفس تعلم عند البعث بما قدّمت وأخرت علماً إجمالياً لأن المطيع يرى آثار السعادة، والعاصي يرى آثار الشقاوة، وأما العلم التفصيلي، فإنما يحصل عند نشر الصحف. { يٰأَيُّهَا ٱلإِنسَـٰنُ مَا غَرَّكَ بِرَبّكَ ٱلْكَرِيمِ } هذا خطاب الكفار أي ما الذي غرّك، وخدعك حتى كفرت بربك الكريم الذي تفضل عليك في الدنيا بإكمال خلقك وحواسك، وجعلك عاقلاً فاهماً، ورزقك وأنعم عليك بنعمه التي لا تقدر على جحد شيء منها. قال قتادة غرّه شيطانه المسلط عليه. وقال الحسن غرّه شيطانه الخبيث، وقيل حمقه وجهله. وقيل غرّه عفو الله إذ لم يعاجله بالعقوبة أوّل مرّة، كذاقال مقاتل { ٱلَّذِى خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ } أي خلقك من نطفة، ولم تك شيئًا، فسوّاك رجلاً تسمع وتبصر وتعقل، { فعدلك } جعلك معتدلاً. قال عطاء جعلك قائماً معتدلاً حسن الصورة.

السابقالتالي
2 3 4