الرئيسية - التفاسير


* تفسير فتح القدير/ الشوكاني (ت 1250 هـ) مصنف و مدقق


{ إِذَا ٱلشَّمْسُ كُوِّرَتْ } * { وَإِذَا ٱلنُّجُومُ ٱنكَدَرَتْ } * { وَإِذَا ٱلْجِبَالُ سُيِّرَتْ } * { وَإِذَا ٱلْعِشَارُ عُطِّلَتْ } * { وَإِذَا ٱلْوُحُوشُ حُشِرَتْ } * { وَإِذَا ٱلْبِحَارُ سُجِّرَتْ } * { وَإِذَا ٱلنُّفُوسُ زُوِّجَتْ } * { وَإِذَا ٱلْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ } * { بِأَىِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ } * { وَإِذَا ٱلصُّحُفُ نُشِرَتْ } * { وَإِذَا ٱلسَّمَآءُ كُشِطَتْ } * { وَإِذَا ٱلْجَحِيمُ سُعِّرَتْ } * { وَإِذَا ٱلْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ } * { عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّآ أَحْضَرَتْ } * { فَلاَ أُقْسِمُ بِٱلْخُنَّسِ } * { ٱلْجَوَارِ ٱلْكُنَّسِ } * { وَٱللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ } * { وَٱلصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ } * { إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ } * { ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي ٱلْعَرْشِ مَكِينٍ } * { مُّطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ } * { وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ } * { وَلَقَدْ رَآهُ بِٱلأُفُقِ ٱلْمُبِينِ } * { وَمَا هُوَ عَلَى ٱلْغَيْبِ بِضَنِينٍ } * { وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ } * { فَأيْنَ تَذْهَبُونَ } * { إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ } * { لِمَن شَآءَ مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ } * { وَمَا تَشَآءُونَ إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ }

قوله { إِذَا ٱلشَّمْسُ كُوّرَتْ } ارتفاع الشمس بفعل محذوف يفسره ما بعده على الاشتغال، وهذا عند البصريين. وأما عند الكوفيين والأخفش، فهو مرتفع على الابتداء. والتكوير الجمع، وهو مأخوذ من كار العمامة على رأسه يكورها. قال الزجاج لفت، كما تلف العمامة، يقال كورت العمامة على رأسي أكورها كوراً، وكوّرتها تكويراً إذا لففتها. قال أبو عبيدة كورت مثل تكوير العمامة تلف، فتجمع. قال الربيع بن خثيم { كورت } أي رمى بها، ومنه كورته فتكوّر أي سقط. وقال مقاتل، وقتادة، والكلبي ذهب ضوؤها. وقال مجاهد اضمحلت. قال الواحدي قال المفسرون تجمع الشمس بعضها إلى بعض ثم تلف، فيرمى بها. فالحاصل أن التكوير إما بمعنى لفّ جرمها، أو لفّ ضوئها، أو الرمي بها { وَإِذَا ٱلنُّجُومُ ٱنكَدَرَتْ } أي تهافتت، وانقضت، وتناكرت، يقال انكدر الطائر من الهواء إذا انقضّ، والأصل في الانكدار الانصباب. قال الخليل يقال انكدر عليهم القوم إذا جاءوا أرسالاً، فانصبوا عليهم. قال أبو عبيدة انصبت، كما ينصب العقاب. قال الكلبي وعطاء تمطر السماء يومئذٍ نجوماً، فلا يبقى نجم في السماء إلاّ وقع على الأرض، وقيل انكدارها طمس نورها. { وَإِذَا ٱلْجِبَالُ سُيّرَتْ } أي قلعت عن الأرض، وسيرت في الهواء، ومنه قولهوَيَوْمَ نُسَيّرُ ٱلْجِبَالَ وَتَرَى ٱلأَرْضَ بَارِزَةً } الكهف 47. { وَإِذَا ٱلْعِشَارُ عُطّلَتْ } العشار النوق الحوامل التي في بطونها أولادها الواحدة عشراء، وهي التي قد أتى عليها في الحمل عشرة أشهر، ثم لا يزال ذلك اسمها حتى تضع. وخصّ العشار لأنها أنفس مال عند العرب، وأعزّه عندهم، ومعنى { عطلت } تركت هملاً بلا راع، وذلك لما شاهدوا من الهول العظيم. قيل وهذا على وجه المثل لأن يوم القيامة لا تكون فيه ناقة عشراء، بل المراد أنه لو كان للرجل ناقة عشراء في ذلك اليوم، أو نوق عشار لتركها، ولم يلتفت إليها اشتغالاً بما هو فيه من هول يوم القيامة، وسيأتي آخر البحث إن شاء الله ما يفيد أن هذا في الدنيا. وقيل العشار السحاب، فإن العرب تشبهها بالحامل، ومنه قولهفَٱلْحَـٰمِلَـٰتِ وِقْراً } الذاريات 2 وتعطيلها عدم إمطارها قرأ الجمهور { عطلت } بالتشديد، وقرأ ابن كثير في رواية عنه بالتخفيف. وقيل المراد أن الديار تعطل، فلا تسكن. وقيل الأرض التي تعشر زرعها تعطل، فلا تزرع. { وَإِذَا ٱلْوُحُوشُ حُشِرَتْ } الوحوش ما توحش من دوابّ البرّ، ومعنى { حشرت } بعثت حتى يقتص بعضها من بعض، فيقتصّ للجماء من القرناء. وقيل حشرها موتها، وقيل إنها مع نفرتها اليوم من الناس وتبدّدها في الصحارى تضم ذلك اليوم إليهم. قرأ الجمهور { حشرت } بالتخفيف، وقرأ الحسن، وعمرو بن ميمون بالتشديد. { وَإِذَا ٱلْبِحَارُ سُجّرَتْ } أي أوقدت، فصارت ناراً تضطرم.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9